حكايات من الكتب

عداء الطائرة الورقية


Listen Later

في كابل بأفغانستان الجميلة، عاش صبيان: أمير، من قبيلة البشتون، وحسن، من أقلية الهزارا. أمير، الابن الوحيد لبابا، كان يحب سرد القصص، لكنه غالبًا ما شعر أنه لا يستطيع أن يرقى لتوقعات والده. أما حسن، فكان خادمًا أمينًا ومخلصًا، وصديقًا لا يفارقه الظل. ربطت بينهما صداقة استثنائية، وتجلت في شغفهما المشترك بالورق والطائرات. كانت معارك الطائرات الورقية رياضة شعبية، وحسن "عدّاء الطائرة الورقية" الأفضل، يركض ليلتقط الطائرات المقطوعة.
في شتاء عام 1975، وقع حدث غيرّ مجرى حياة أمير. في يوم مسابقة الطائرات الورقية الكبرى، فاز أمير وحسن، لكن هذا الانتصار تلطخ بظل مؤلم. حسن، صديق أمير المخلص، تعرض لاعتداء وحشي من قبل "آصف"، وهو فتى سادي متسلط. أمير، الذي شهد الواقعة، لم يتدخل، وتركه الخوف والجبن يتملكان منه. هذا الفعل ولد شعوراً عميقًا بالذنب والخوف داخل أمير.
لم يستطع أمير التعايش مع ذنبه. فدبر حيلة لاتهام حسن بالسرقة، بهدف إبعاده هو ووالده، علي، عن حياتهما. رغم أن بابا عرف الحقيقة، سمح لحسن وعلي بالرحيل. كان هذا الفصل من حياة أمير مليئًا بالخيانة والندم. بعد فترة وجيزة، اجتاح السوفيت أفغانستان عام 1979، مما أجبر أمير وبابا على الفرار من بلادهم الحبيبة. كانت رحلة الهروب صعبة ومليئة بالمخاطر.
استقر أمير وبابا في أمريكا. بنى أمير حياة جديدة، أكمل تعليمه وتزوج من امرأة تدعى ثريا، ابنة جنرال أفغاني محترم. أصبح كاتبًا ناجحًا. ورغم نجاحه في حياته الجديدة، ظل ذنب الماضي يطارده، خاصة ذنبه تجاه حسن. كانت الذكريات المؤلمة تظهر في أحلامه.
في يناير 2001، تلقى أمير مكالمة هاتفية من رحيم خان، صديق والده المقرب في باكستان. كشف رحيم خان لأمير حقيقة صادمة: حسن لم يكن مجرد خادم، بل كان أخاه غير الشقيق. وقد اغتيل حسن وزوجته على يد طالبان، وتركا وراءهما ابنًا يتيمًا اسمه سهراب، يعيش في أحد دور الأيتام في كابل التي يسيطر عليها طالبان. طلب رحيم خان من أمير أن يعود إلى أفغانستان لينقذ سهراب، واصفًا هذه المهمة بـ"فرصة للتكفير عن الذنب".
عاد أمير إلى أفغانستان التي مزقتها الحرب. كانت البلاد مختلفة تمامًا عما يتذكره. بعد بحث مضنٍ، وجد سهراب في أحد دور الأيتام. واكتشف أمير أن مدير الدار هو "آصف"، خصمه القديم. دارت بينهما مواجهة عنيفة، حاول فيها أمير التكفير عن ذنوبه القديمة. وكما أنقذ حسن أمير في الماضي، قام سهراب بإنقاذ أمير بطريقة مذهلة، مستخدمًا مقلاعه، مما أدى إلى إصابة آصف.
بعد إنقاذ سهراب، حاول أمير أن يتبناه ويصطحبه إلى أمريكا. لكن الطريق لم يكن سهلاً. سهراب كان صامتًا ومنسحبًا بسبب صدماته، ورفض التحدث. عند مواجهة احتمال العودة إلى دار الأيتام بسبب تعقيدات التبني، حاول سهراب الانتحار. هذا الموقف هز أمير بشدة، وزاد من إصراره على مساعدة سهراب.
نقل أمير سهراب إلى أمريكا، وبمساعدة زوجته ثريا، استمر في محاولة علاجه وإعادة تأهيله. ببطء شديد، بدأ سهراب يتجاوب. وفي أحد الأيام، خلال نزهة في الحديقة، رأى أمير طائرة ورقية في السماء. قام أمير بمد خيط طائرته الورقية نحو سهراب، وبدأ سهراب يتفاعل. في هذه اللحظة، شعر أمير بالسلام والأمل، مدركًا أن التكفير عن الذنب قد بدأ بخطوة. إنها قصة عن الحب، والخسارة، والذنب، والفداء.
...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

حكايات من الكتبBy حكايات من الكتب