حكايات من الكتب

داو


Listen Later

في بلدة داو، حيث تئن الأرض من الجفاف وتتقلب الأجواء بين عواصف ومطر، كانت الحياة معقدة وقاسية. في هذا المكان، عاش سلطان شغر العشي، ساحر البلدة، في بيت منعزل كبير مع زوجته ليلى. ليلى، التي أصبحت عائلة السلطان الوحيدة، كانت تعيش في خوف دائم من غرفة في بيت زوجها، غرفة محظورة يدخلها السلطان ويختفي فيها لأيام، ليخرج منها بوجه عابس ورائحة كريهة. كانت ليلى تقتل فضولها لئلا تؤخذ إلى تلك الغرفة.
في يوم الحصاد، الذي يأتي مرة كل عام، يجمع السلطان الناس في الساحة ويحتجز الفتيات. في أحد هذه الأيام المشؤومة، تم اختيار سلام، أخت ليلى، كقربان للشياطين. أُخذت سلام إلى الغرفة المغلقة، لتجد نفسها حبيسة كـ"ورقة في مهب الريح"، في غرفة مهترئة مليئة بالتعاويذ على الجدران وأوراق ممزقة. تتذكر سلام ورقة من القرآن كان أبوها قد علقها على يدها لحمايتها، لكن الحماية لم تأتِ. كانت سلام تعاني من الخوف والوحدة، ترغب بالهروب، وتحاول عبثاً تحريك قدمها التي لا تشعر بها. في لحظة، انقلبت كرسيه المتحرك وارتطمت بجذع شجرة، لترتطم بالأرض وتفقد وعيها، وتتذوق طعم دمائها.
في مكان آخر من البلدة، كان جالال الدين يتحرك مع رفيقه عابد، الذي كان بمثابة معلمه. كان الناس ينظرون إليهما باستنكار، وهو ما يدركه جالال الدين. واجه جالال الدين وعابد صراعاً مع ناشر، ابن أخ عابد، الذي اتهمهما بالتدخل وتسبب في مشادة عنيفة. كان عابد وناشر يخططان لمؤامرة، تستهدف إقصاء والد ناشر وشمس، وجعل شمس زعيماً ثم قتله بعد ذلك، بالتعاون مع الحاكم الذي سيقوم بفناء عائلة القاسم، ليصبح لهما الحكم والأرض. في هذا الوقت، كان سلطان يواجه صراعاته الخاصة؛ إذ يبدو أن أسياده تمردوا عليه، وواجهه جالال الدين متحدياً سلطته. شعر السلطان بأنه مهزوم وبلا سند حقيقي. دخل الغابة لتجديد عهده مع الشياطين، لكنه واجه صعوبات وكاد أن يهلك. عاد إلى بيته مصاباً ومرهقاً.
في إحدى الليالي، ذهب سلطان إلى بيت جالال الدين. دخل وهو يبدو شاحباً ومشتتاً. لدهشة ليلى التي كانت في المكان، أدى سلطان الصلاة وبكى، في مشهد لم تره من قبل. ليلى نفسها واجهت سلطان متهمة إياه باللامبالاة وقساوة القلب، وذكرته بأنه كان يراهم يُؤخذون قرابين ويستمتع بتعذيب إحداهن في الغرفة. في غضون ذلك، جاءت أم عمار تبكي بحرقة تبحث عن ابنتيها المفقودتين، وواجهت سلطان بعنف واتهمته بأخذ بنتيها وتساءلت أين وضعهما.
بعدما استعادت سلام وعيها جزئياً، وجدت نفسها في بيت مهجور، يبدو أنه بيت عائلة زوجة سلطان القديم. التقت هناك بصبي يدعى مالك يعيش في القبو. حكى مالك عن قصة سرقته لبذور التفاح وزراعتها رغم منعه، وكيف عوقب بالجلد والسجن في القبو. فهم مالك وسلام الألم المشترك، حيث كانت سلام تجمع بذور التفاح وترسم بها على الأرض كلمة مشؤومة. في هذا البيت، اجتمع جالال الدين وزوجته خديجة، وسلطان، وسلام، ومالك. كانت خديجة تعيش قلقاً بسبب أحكام القبيلة التي قد تفصلها عن زوجها، وحزينة بسبب اتفاقية الصلح التي عقدها أبوها. قرأ جالال الدين على المجموعة آيات من القرآن، محاولاً تهدئتهم وتعليمهم. بدأت سلام تفهم سلطان بشكل مختلف، مدركة أنه كان خائفاً، ورأيه بأن الوحوش تخشى البشر.
بلغ الصراع ذروته في يوم ممطر ومشحون بالتوتر. اشتعلت النيران في بيوت عائلة القاسم، وامتلأت الساحة بالفوضى والجثث. في خضم هذا الجنون، رأينا ليلى، التي بدت كأنها تحولت إلى كائن بلا روح، تظهر بقوة وتضرب. ورأينا خديجة تبكي فوق زوجها آصف الذي أُسقط من على جمله ويؤخذ إلى القصر. وسط هذا الدمار، اجتمع جالال الدين، وسلطان، وسلام، ومالك. دفعوا معاً قارباً صغيراً كان مهترئاً نحو البحيرة، هرباً من هذا العالم المجنون.
على متن القارب الصغير، استجمع سلطان أفكاره. تأمل ما حدث واعترف بأن سلام، البيدق الصغير الذي اختاروه كقربان، قد قلبت رقعة الشطرنج بأكملها بطريقة لم يتوقعها أحد. وهكذا، انطلقت المجموعة نحو مصير مجهول، تاركة خلفها بلدة داو المشتعلة والفوضى العارمة.
...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

حكايات من الكتبBy حكايات من الكتب