نص عمرو صبحي
صوت عمرو صبحي وأحمد قطليش
في الوحدةِ نرى الحيتان فوق الستائر، قطعان الموتِ تصلي صلاة الخوفِ، وفيلاً يبكي لأن الهرّة الزرقاء تجاهلته وأحبت سرباً من العصافير المهاجرة.
في الوحدةِ نعتاد على الطعم السيئ للقهوةِ ،وعلى الوَحشِ -المسالم- المستقر في خزانةِ الملابس وعلى أقراص الحموضةِ، وعلى السكاكين التي نغرسها في صدورنا كل مساء باستسلامٍ.
في الوحدة، نرقدُ في توابيتنا كجثثٍ هامدةٍ لا تقوى على مواجهة قبح العالم، في الوحدة -وهي موتٌ- نتمنى أن نقابل الموت بجدارةٍ كي نُهزَم دون أن يقرأ أصدقائنا -القليلون- المراثي علينا، دون أن تنسل من قلوبنا وردةٌ بيضاء .. دون أن نتسولَ الحب.
في الوحدةِ تتركين شعرك للريح، تلبسين رداءً أسودًا مثيرًا وتضعين الكثير من الكحل حول عينيكِ الرائقتين دون أن يقول لكِ أحدٌ ما:
أنت جميلةٌ.
في الوحدةِ سترتي باهتة، ويداي نحيلتان .. أقف باستمرار -دون أن يلحظني أحدُ- على حافة الطريق وفي هامشِ الأحداثِ.
في الوحدةِ تتشابهُ أسبانيا وفاطمة ولكسبمورج ومارية وألكسندرا والصباح والمساء. في الوحدةِ نتشبثُ بأطراف الأرض التي تلفظنا بقسوةٍ، إلى العيون الواسعة كالجحيم، والشفاه المنقلبة كأننا جئنا دون وجه حقٍ إلى العالم..
في الوحدةِ نموتُ -بلا ضجيجٍ- كل يوم.