حكايات من الكتب

حكايات جحا والحمار


Listen Later

يُقدم كتاب "حكايات جحا والحمار وحكايات أخرى" شخصية جحا، الفيلسوف الضاحك الذي تتميز حكاياته بالذكاء والفكاهة وسرعة البديهة، وتُروى أمثاله ونوادره في كل مكان وكل زمان. غالبًا ما يظهر جحا في هذه القصص مع حماره، الذي يشاركه في العديد من مغامراته الفريدة والمضحكة. من أبرز حكاياته التي تعكس حكمته تلك التي تتعلق بـ "مرضاة الناس". ففي إحدى المرات، ذهب جحا وابنه مع حماره، وحاولا إرضاء الناس بالركوب والمشي، لكنهما واجها الانتقاد في كل الأحوال، مما جعله يدرك استحالة إرضاء جميع الناس. وتظهر غرابة منطق جحا في حكاية أخرى عندما قطع ذيل حماره ليبيعه بسعر جيد، مؤكداً للمشترين أن الذيل موجود في مكان قريب لمن يريده، على الرغم من أن ذلك جعل المشترين يعزفون عن الشراء. كما أظهر حمار جحا شخصيته الخاصة عندما لم يرضَ أن يذهب مع رجل أراد استعارته، وكأن الحمار علم أن الرجل سينوي ضربه. لم يكن حمار جحا مجرد حيوان عادي، بل كان بطلًا في العديد من المواقف. فقد حاول جحا ذات مرة تدريب حماره ليصبح "حمّاراً رياضياً" بتقليل طعامه تدريجياً، لكن هذه التجربة انتهت بوفاة الحمار، مما دفعه للأسف على أن الحمير لا تساعد. وعلى النقيض، عندما طُلب منه تجهيز "حمّار قارئ" لتيمور، ابتكر طريقة بارعة؛ حيث وضع الطعام بين صفحات كتاب، فكان الحمار يقلب الصفحات بحثاً عن الأكل، مما جعل الناس يظنون أنه يقرأ. بل وذهب أبعد من ذلك عندما وافق على تعليم حماره الكتابة مقابل مبلغ كبير، متحدياً بذلك المنطق نفسه. جحا لم يتردد في القيام بأفعال تبدو غير منطقية للآخرين، ففي إحدى المرات، حمل حماره على ظهره رغم أنه كان يحمل الحطب، مبرراً ذلك بأنه أراد إراحته وتخفيف الحمل عنه. وعندما ضاعت حماره العزيزة، تعجب الناس من سعادته وشكره لله، فأوضح أنه يخشى لو كان راكباً لضاعت روحه معه هو أيضاً. وعندما ضاع حماره مرة أخرى، بحث عنه وهو يغني، قائلاً إنه يغني ليعلم حماره أنه مهتم به، مؤكداً أن لذة وجود المفقود تفوق الحزن على فقده. ومن غرائبه أيضاً أن "عقل الحمار" دفعه لإشعال النار على ظهره، ثم أمره أن يسرع إلى البحيرة ليطفئها. وفي قصة "الحمار العاصي"، اشترى جحا حماراً ثم سُرق وعاد، وعندما حاول شراء آخر ورفض الأخير، تحدث إليه وكأنه يفهم. وفي حكاية "الحمار الشرس"، لم يأتِ جحا بحماره للسوق لبيعه، بل ليعلم الناس ماذا يصيبهم إذا اقتربوا منه. وحتى في طريقة ركوبه "البغلة عسراوية" بالمقلوب، كان له تفسيره الخاص. لا تقتصر حكايات جحا على حماره فحسب، بل تشمل مواقف أخرى تبرز "ذكاءه الخارق" ونظرته الفريدة للحياة. فمثلاً، في رحلة شديدة الحرارة، وجد "أنبوباً مسدوداً"، فأزال الخشبة منه وتدفق الماء بغزارة، فشرب وحمد الله، متسائلاً عن غباء من سدّه. كما روى عن "أيام الصبا" وقوته عندما كان بإمكانه ركوب "حصان قوي"، لكنه في النهاية أقر بأنه لم يتمكن من ركوبه أيضاً. وفي طريقة حساب أيام رمضان، استخدم جحا "جرة الحصى" لعد الأيام، ودخل في جدال مع أصدقائه حول العدد، وأثبت صحة طريقته الخاصة. أظهر جحا قدرته على قلب الأمور رأساً على عقب، ففي قصة "بائع المخلل"، كان حماره ينهق بصوت عالٍ، مما يجعل جحا يتساءل إن كان الحمار هو البائع أم هو. وفي حكاية أخرى، عندما سُرق ماله بسبب قفل ضعيف على الإسطبل، برر جحا أن اللص "لا ذنب عليه" لأن القفل كان سهلاً الكسر. حتى عندما تعرض للضرب من قبل "الحلواني" لسرقته الحلوى، شكره جحا قائلاً إنهم يطعمون الزائرين حتى لو كان بالضرب. وعندما سأله رجل إلى أين يذهب هو وحماره، طلب منه "اذهب مع الحمار"، قائلاً إنه سيذهب قليلاً وسيترك الحمار ليخبر الرجل أين هو ذاهب. وفي قصة "حقيبة جحا"، ادعى أن الريح هي من ألقت به في البستان وهو يجمع الثمار. لقد كانت حكايات جحا المتعددة، بما في ذلك حكاية "رأس حمار" الذي فقده ووجده على حمار آخر، و**"قضاء الدين"** الذي راوده في حلمه، و**"غناء في الحمام"** الذي أزعج الناس، تعكس فلسفته الساخرة. تُجمع هذه الحكايات في سلسلة من الأمثال والنوادر، كل جزء منها يحتوي على حوالي ثلاثين حكاية، وتُقدم بأسلوب سهل بسيط، وتظل حتى يومنا هذا تثير الضحك والفكر.
...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

حكايات من الكتبBy حكايات من الكتب