islamic

جميل يحب الجمال | معتصم الشامي


Listen Later

قال التلميذ : شيخي هل ذقت حلاوة جمال الله ؟
فانتفض الشيخ ، وقال : اسكت ، لا تعرف أن تسأل !!
فخجل التلميذ ، وقال : عذرا شيخي ، أوليس الله جميلا يحب الجمال ؟!
فقال الشيخ : بلى ، بل الله أجمل موجود ، وكل جمال الكون من فيض جماله ، ولولا جماله تعالى ما رأيت جمالا قط . ولو اجتمع جمالُ الكون كله في مخلوق واحد ، فحاز هذا المخلوقُ الجمالَ المخلوقَ كله ، لما جاز إلا أن يتلاشى لجمال خالقه عز وجل !
فقال التلميذ : فما وجه الخطأ في سؤالي ، يا شيخي ؟!
فحلُم الشيخُ وقال : يا بُني ، جمال الخالق جمال مطلق ، هو جمال الأول والآخر والظاهر والباطن عز وجل ، فلا يمكن أن تدرك القلوب من حلاوة جماله (عز وتقدس) إلا ما تحتمله قلوب المخلوقين الضعيفة العاجزة .
فكان عليك أن تقول : هل مس القلبَ شيءٌ من حلاوة جمال الخالق تعالى ؟
فقال التلميذ : والله يا شيخي ، ما أردت إلا هذا ، لكن خانني التعبير .
فقال الشيخ : يا بني ، ظني أن هذا سر مكنون ، وغيب مضنون ، لا يكون ولن يكون ؛ إلا في الآخرة ، عندما ينسى أهل الجنة عظيم نعيمها بزيادة نعيمهم برؤية الباري عز وجل {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ} . 
لكن قد يفتح الله لبعض عباده من ذلك فتحا في الدنيا !
فقال التلميذ : فصف لي ذلك الفتح يا شيخي ؟
فقال الشيخ : يا بني ، لا تسل عن تلك اللذة ، ولا تطمع بأن يستطيع أحد وصف ذلك النعيم : إن فُتح له في الدنيا من حلاوة جمال الله فتحٌ !
يا بني ، هل تفهم ومضة الجمال المجتمعة في اللحظة الأولى لرؤية من كان أعمى طوال عشرات السنين ؟! هل تعرف الانشراح الذي يشعره صدر من انكتمت أنفاسه حتى كاد يموت ، ثم فجأه عاد إليه النفس كأقوى ما يكون ؟! هل تدرك ومضة البرق كيف يمكن أن تضيء قلبك لو اجتمعت كلها فيه ؟! هل يمكن أن تشعر بشعور تائه في الصحراء قتله الظمأ ، فإذا به يُفاجأ أمام وجهه وتحت قدمه بأجمل دوحة غناء وأعذب ماء ؟! هل تدرك كم اجتمع في طرفة العين تلك في أول تلك النظرة من الفرح والسعادة واللذة والجمال ؟!!
تلك اللحظات الأولى التي تعجز القلوب عن وعيها ، حتى ربما توقف القلب عن خفقانه من شدة الجمال ولذته فيها ، فضلا عن عجز اللغات (كل اللغات والكلمات) = هي في ظني الروزنة التي تُفتح في الدنيا للشعور بشيء من حلاوة الجمال الإلهي !!
ستشعر يا بُني أن نورا انشق من قلبك فانبعث في السماء !
ستشعر يا بني أن سُخام قلبك قد غُسل بماء بارد من الجنة !
ستشعر يا بُني أن شيئا مر بك من اللذة لا أمكنك منه إلا أن تتقطع شوقا إليه ! 
يا بني ، حُق للعبد أن يبكي شوقا لله !
يا بُني ، حُق للعبد أن يهيم حبا في الله !
يا بُني ، حُق للعبد أن يستلذ كل جهد وجهاد في سبيل الوصول إلى نعيم جمال الله تعالى !! 
يا بُني ، حُق للعبد أن لا يأسره أي جمال لو تعلق بجمال خالق الجمال !
يا بُني ، لا تسل عما لا تحيط به الألسن ولا تعيه القلوب ولا يمكن أن يصفه من ذاقه ، فضلا عمن لم يذقه ، وإنما يتحدث عنه حديث مسكين عن قصص قصور الملوك !
يصف ما لم يره ولا شعر به ولا طرق خياله شيء مثله.
بقلم الشريف حاتم بن عارف العوني
إلقاء وهندسة: معتصم الشامي
الخلفيات من أعمال: مشاري العفاسي
محمد العبدالله
سلمان الملا
...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

islamicBy Motasem AlShami