في داخل كل واحد منا، يوجد جسد وعقل ودماغ، تعمل معًا في تناغم. لكن أحيانًا، تمر الحياة بتجارب شديدة القسوة، تُعرف بـ "الصدمة النفسية". وعندما تحدث هذه الصدمة، فإن الجسد لا ينسى. بل يمكن القول بأن "جسمك يتذكر كل شيء". بعد الصدمة، يصبح العالم مختلفًا. الحياة، التي من المفترض أن تتغير وتتقدم، تبدو وكأنها توقفت في لحظة الصدمة. يصبح الجهاز العصبي في حالة تأهب دائمة، وكأنه يكرس كل طاقته للسيطرة على الفوضى الداخلية، مما يجعل من الصعب الاندماج التلقائي في تفاعلات الحياة الطبيعية. يصبح من العسير دمج تجارب جديدة في الحياة، حتى أن الذكريات القديمة المؤلمة قد تُسترجع وكأنها حدثت للتو. في الدماغ، هناك مسارات معقدة للتعامل مع التهديدات. عندما تستقبل الحواس معلومة، تمر عبر المهاد ثم تذهب إلى اللوزة، وهي جزء من الدماغ يقيّم بسرعة ما إذا كان هناك خطر. هذا "الطريق المنخفض" سريع جدًا، يؤدي إلى إطلاق هرمونات التوتر واستجابات مثل الهروب أو القتال. هناك أيضًا "الطريق العالي" الأكثر تفصيلًا والذي يمر عبر القشرة الأمامية للدماغ لتحليل المعلومة بشكل أعمق. لكن في حالة الصدمة، يختل التوازن بين اللوزة والقشرة الأمامية للدماغ بشكل جذري. تزداد منطقة اللوزة نشاطًا، بينما يقل النشاط في الفص الجبهي المسؤول عن التحكم والتنظيم. هذا يجعل التحكم في العواطف والاندفاعات صعبًا للغاية. وأحيانًا، عند تذكر الصدمة، يمكن أن يقل النشاط في منطقة بروكا المسؤولة عن الكلام، مما يجعل الشخص "يصاب بالخرس". في بعض الأحيان، عندما تكون التجربة صادمة جدًا، قد يدخل الجسم في حالة دفاع بيولوجية تُسمى "الخلاء" أو "الانفصال". في هذه الحالة، يقل نشاط كل منطقة من الدماغ تقريبًا، ويصبح الوعي فارغًا، مع نظرة جامدة وأفكار خالية. هذه حالة انفصال شديدة تحدث كرد فعل للصدمة. قد تظهر ذكريات مفاجئة وغير إرادية، وتظل المشاعر والأحاسيس موجهة نحو الحدث المثير في الحاضر، لكنها أحيانًا تبقى مجمدة في الماضي. الصدمة تؤثر على الجهاز الحيوي البشري بأكمله؛ الجسم، والعقل، والدماغ. لكن هناك أمل في الشفاء. الشفاء من اضطراب كرب ما بعد الصدمة يعني استعادة القدرة على إنهاء التوتر المستمر والقلق، ويعني إعادة الجهاز الحيوي بأكمله إلى حالة الأمان. لذلك، يعتبر إشراك الجهاز العصبي العضوي بأكمله، الجسم والعقل والدماغ، أمرًا مهمًا لعلاج الصدمة.