حكايات من الكتب

أخلاق العلماء


Listen Later

يحكي كتاب "أخلاق العلماء" لأبي بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري عن قصة حياة وأخلاق حملة العلم الشرعي، الذين هم ورثة الأنبياء. تبدأ القصة بتصوير هؤلاء العلماء كأنهم نجوم يهتدى بها الناس في ظلمات البر والبحر، فهم مصابيح تنير الطريق للسالكين. إنهم قوم اختارهم الله ومَنَّ عليهم بالعلم والحكمة والفقه في الدين. رحلتهم مع العلم لم تكن مفروشة بالورود، بل كانت رحلة تعب ونصب. صبروا على شدائد طلب العلم والتحصيل، واحتملوا مرارة الفقر وشظف العيش في سبيله. كان هدفهم الأسمى هو ابتغاء وجه الله، ولم يطلبوا به الدنيا أو يستكثروا به الأعمال القليلة. أما عن أخلاقهم، فهي كالمعدن الأصيل. يتصفون بـالتواضع ومجانبة العجب، فهم يعلمون أن العلم رفعة من الله تستوجب المزيد من الخشية والتواضع للخلق. يمشون في سكينة ووقار، ويتحدثون بلين ورفق، خاصة عند التعليم أو النقاش. في مجالسهم، يستمعون أكثر مما يتكلمون، ويتحملون جهل الجاهل وسوء أدبه. إذا سُئلوا عما لا يعلمون، قالوا: لا أعلم. لا يجادلون أهل البدع ولا يصغون إليهم. هدفهم من المناقشة والمذاكرة هو طلب الفائدة والحق، وليس المغالبة أو الجدل المذموم الذي يورث الوحشة بعد الألفة. إنهم يرشدون الناس إلى الخير، ويدلونهم على الحق والهدى. يعرفون الحلال والحرام، ويدافعون عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم. علمهم ينفعهم وينفع غيرهم. هم القدوة التي يقتدي بها الناس. وعلى النقيض، يحذر الكتاب من صنف آخر، وهم العلماء الذين لم ينفعهم علمهم. هؤلاء قد يطلبون العلم للمباهاة أو للدنيا. قد يكونون متكبرين، جدليين، أو لا يعملون بما يعلمون. موت العالم الذي لا ينفع بعلمه مصيبة عظيمة. في نهاية القصة، يؤكد الكتاب على أن العالم الحقيقي هو الذي يخشى الله، وعلمه يزيده تواضعًا وخوفًا. هو من يصبر على الأذى في سبيل الحق، ويتمنى الخير للناس. هذا العالم هو الذي يستغفر له أهل السموات والأرض وحتى الحيتان في البحر. هذه هي قصة أخلاق العلماء، قصة عن العلم المقرون بالعمل، والتواضع، وخشية الله، والنفع للخلق، التي رسمها الإمام الآجري في كتابه.
...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

حكايات من الكتبBy حكايات من الكتب