قال الله سبحانه وتعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ۖتَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ" يونس: 9، يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ، هؤلاء هداهم الله لأنَّ لهم إيمان حققوه. اليوم نتكلم عن شُعبَة من أعظم شُعَب الإيمان إن لم تكن هي أعظم شُعَب الإيمان بعد التوحيد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه التي ميزَّ الله سبحانه وتعالى بها أنبياءه. هذه التي غيرَّت وجه الأرض. هذه التي هي لُب دعوة الأنبياء، التي صفة أساسية لكل أصحاب القلوب التي ترجو أن تكون في عليين، في أعلى الدرجات. فِعلُ النبي صلَّى الله عليه وسلم ومن قبله الأنبياء، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه الخصلة التي مُيزت بها هذه الأُمة، قال الله سبحانه وتعالى " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ "آل عمران: 100.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصل الإيمان، من أفعال الإيمان العظيمة التي ينبغي علينا أن نفعلها وأن نتعلمها. الله سبحانه وتعالى ميز هذه الأُمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، النبي صلَّى الله عليه وسلم لما سُئل عن الدين قال:"إن الدينَ النصيحةُ _ إن الدينَ النصيحةُ_ إن الدينَ النصيحةُ. قالوا : لمَن يا رسولَ اللهِ ؟ قال : للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولأئمةِ المسلمين وعامَّتِهم"صححه الألباني،الكل ينصح، مجتمعٌ إيجابي، مجتمع له معايير واضحة، عارفين الحلال من الحرام، الكل بيسعى في نشر الحلال، الكل بيلفظ الحرام، الكل بينهى عن المنكر، النبي عليه الصلاة والسلام لما أراد إنه يِعَرَّف الدين عَرَّفَه بأنه النصيحة، الله سبحانه وتعالى لعن بني إسرائيل، استُبدلت بنو إسرائيل لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚذَٰلِكَ بِمَاعَصَوا*كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ" المائدة 79:78، لما لم يتناهوا عن منكرٍ فعلوه الله سبحانه وتعالى لعنهم. النبي صلَّى الله عليه وسلم صعد يومًا المنبر فقال:" مُروا بالمعروفِ، وانهوا عَنِ المنكرِ، قبلَ أن تَدعوا فلا يُستجابَ لَكُم"حسنه الألباني، تخيل! أُمة تدعو وتقول يا رب، يا رب ثم هي لا تُنصَر، لا ينزلُ عليها الإجابة، ليه؟ لأنهم تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل الناس يتكلم، أفضل الأقوال قال تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا" فصلت: 33.

أفضل الأقوال على الإطلاق هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ " النساء: 114، هذا الذي أمر بالمعروف هو أفضل الأقوال وخير الأقوال، هذا الذي يتكلم هذا الكلام يُحبه الله ، هذا وراء الأنبياء، " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ " آل عمران: 31، اللي عايز يحب الله اللي عايز يحبه الله فعليه أن يتبع الأنبياء، كيف فعل الأنبياء؟ بل عليه أن يتبع النبي صلَّى الله عليه وسلم-، " َفاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ "،طيب إيه طريق النبي -صلَّى الله عليه وسلم-؟ قال تعالى: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه" يوسف: 108، يبقى سبيل النبي -صلَّى الله عليه وسلم "أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي" يوسف: 108،ابن القيّم بيقول: ولا يكون من أتباعه حقًا حتى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، حتى يدعو إلى الله ، حتى يكون له نصيب من هذه النصيحة.

تخيل معايا سمك في البحر، تخيل معايا نمل في الجحور، هذا النمل يقول: اللهمَ اغفر لعبدك فلان، اللهمَّ انصر عبدك فلان، إيه ده نمل بيدعي لبني آدم؟ مَن هذا البني آدم؟ يقول النبي صلَّى الله عليه وسلم-: إن الله وملائكته، بل أعظم من هذا النمل في الجحور وهذه الحيتان في البحر ملائكة السماء تدعي لرجل، مَن هذا الرجل؟ هذا الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال: ".... إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ ، و أهلَ السمواتِ والأرضِ ، حتى النملةَ في جُحْرِها ، وحتى الحوتَ ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ"صححه الألباني،تخيل كده سمك في البحر، تخيل أقف كده على شط مدينة ساحلية، أقف على شط إسكندرية وفكر كده كَم سمكة موجودة في هذا البحر؟ ثم تخيل أن هذا السمك يستغفر ويدعو لهؤلاء الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، النبي-صلَّى الله عليه وسلم يوضح مَثل هؤلاء الذين تحملوا هذه الطاعة العظيمة، الطاعة التي مُيزت بها هذه الاُمة، عارفين؛ كل نبي من الأنبياء كان مسئول إن هو يبلغ قومه الأُمة الوحيدة التي هي مُكلفة بمجموعها هي أُمة النبي -صلَّى الله عليه وسلم-