حكايات من الكتب

الابادة


Listen Later

في قرية صغيرة، عاش أحمد مع جدته الحبيبة، يعملان معًا في البستان، يقطفان الثمار لبيعها وتوفير المال لمستقبله. كانت جدته لا تجيد الحساب، ولكنها كانت حكيمة وتؤمن ببركة المال المخفي. كانت تحثه على التعلم مؤمنة بأن العلم سلاح. كان أحمد فتى محباً لكرة القدم، يحلم بأن يصبح لاعبًا محترفًا مثل معبوده مارادونا، وكان يتمتع بمهارات وسرعة فائقة في اللعب. بدأت الفتيات تلفت انتباهه، ولاحظ أن زميلته جميلة قد كبرت وأصبحت فتاة جميلة.
حلم أحمد كان يواجه تحديات كبيرة، أبرزها علاقته المتوترة بوالده حسن، الذي هجر جدته وتزوج من امرأة قاسية تدعى فلحة. كانت فلحة تعامل أحمد بقسوة وتؤلب والده عليه. اضطرت الجدة لمغادرة بيت ابنها مع أحمد لحمايته من أذى فلحة. كان أهل القرية يلقبون والده بـ "العاق" لهجره أمه.
ذات يوم، ظهر الأستاذ هيثم، مدرس العلوم الجديد في القرية، الذي كان شغوفًا بكرة القدم ويحلم بأن يكون لاعبًا. رأى الأستاذ هيثم موهبة أحمد الاستثنائية وناداه بـ "مارادونا". عرض عليه فرصة العمر: أن يأخذه إلى المدينة ليجربه في أحد الأندية. ذهب أحمد مع جدته للقاء والده لطلب موافقته. لكن عندما ذكر أحمد كرة القدم، ثار والده ولكمه، رافضًا حلمه تمامًا. هرب أحمد باكيًا، يشعر بالخذلان من والده.
في خضم حزنه، التقى أحمد بجمال، الذي بدا وكأنه يقدم له الدعم، لكنه كان يحمل نوايا خبيثة. تعرض أحمد لحدث صادم ومؤلم على يد جمال، جعله يشعر بالكسر واليأس، وأن روحه قد قتلت. عاد إلى غرفة جدته، يشعر بأنه إنسان مشوه.
حاول أحمد العودة إلى حلمه، وخضع لاختبار في النادي بالمدينة برفقة الأستاذ هيثم. لكن الصدمة النفسية أثرت عليه بشدة، فقد مهاراته وسرعته، وبدا عاجزًا تمامًا، وكأنه لم يعد هو نفسه. فشل في الاختبار، بينما كان جمال يراقبه ويبتسم بخبث. في لحظة غضب ويأس بعد فشله، قام بركل ساق شجرة بقوة، مما أدى إلى إصابة في قدمه.
أخذه الأستاذ هيثم إلى المستشفى. لسوء الحظ، أجرى طبيب العظام سليمان عملية بتر لقدم أحمد اليسرى، رغم أنها كانت سليمة، لتغطية إهماله أو سوء تقديره. استيقظ أحمد ليجد نفسه وحيدًا وقدمه مبتورة، غارقًا في الحمى والهذيان. تضاعف ألمه الجسدي والنفسي.
وفي غيابه، توفيت جدته، ربما كمداً وحزناً على ما أصابه. عاد أحمد إلى القرية ليجد أن ملجأه الوحيد قد رحل. جاء والده، لكنه لم يُظهر أي مشاعر. كما ظهرت فلحة، زوجة أبيه، لتطالبه بالمال الذي ادخرته الجدة، وهددته بفضح ما حدث له. اضطر أحمد لإعطائها المال، وتعلم بعدها أن يخفي مدخراته تحت شجرة رمان في البستان.
وجد أحمد بعض الدعم في القرية من الخالة فريدة وابنها مجدي، وكانا يزورانه ويعتنيان به ويقدمان له النصيحة والدعم المعنوي. لكن هذه السعادة لم تدم طويلاً، فقد تم طرد عائلة الخالة فريدة من القرية بسبب دسائس عم مجدي ووسام، فوزي، ربما لأسباب تتعلق بخلافات قديمة أو دينية. شعر أحمد بالوحدة والخذلان مرة أخرى.
علم أحمد لاحقًا أن جمال قد قُتل. وتلقى رسالة من العم سلطان، الذي اعترف ضمنيًا بقتل جمال وهرب إلى أمريكا. عرض العم سلطان على أحمد المجيء إلى أمريكا.
سافر أحمد إلى أمريكا بقدم مبتورة وجراح نفسية عميقة. احتضنته الأرض الجديدة، وحصل على قدم اصطناعية وحياة كريمة. التحق بالجامعة وحصل على منحة دراسية، واكتشفت موهبته. تجاوز صدماته وجراحه، وأصبح "عالمًا" بدل "مارادونا". حصل على الدكتوراه في الطاقة النووية وتبوأ منصبًا رفيعًا في الوكالة الدولية للطاقة النووية. تزوج من براءة، التي كانت هي الأخرى قد هربت من جحيم وطنها. مع براءة، استطاع أن يرمم ما تبقى من روحهما المكسورة.
الآن، كدكتور مرموق، يُعرض على أحمد قرار مصيري يتعلق بمشروع يخص سكان الوطن العربي. لقد تم عرض القرار عليه مرتين من قبل وتأجل. والآن، يجب عليه أن يتخذ القرار النهائي.
...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

حكايات من الكتبBy حكايات من الكتب