Dr. Mezouar Mohammed Said

الخِبرة المهنية في موطني


Listen Later

مرحبا

أنا أحاول أن أترك أثرا على صفحات هذه الحياة، فلا تجعلني هدفا لسهام انتقاداتك قبل أن تسمعني على الأقل، أفكاري قد لا تعجبك، لكنني انتظر منك احترامها كما تحترمُ ذاتك

مودتي للجميع

مزوار محمد سعيد

© مؤلِّف كتاب "قاتلي يتدرَّب في شيكاغو"

© www.facebook.com/msmezouar 



عندما دخلتُ العمل كموظَّفٍ في سلك الوظيف العمومي، وجدتُ نفسي أواجه الكثير مِن الجذور البشرية، ورحتُ أصارعُ الكثير مِن الأساطير وحتى الخرافات التي تلفُّ هذا القطاع مثل كافة القطاعات في موطني، ولعلَّ أبرزها هي تلك الخرافة التي تصنِّفُ العاملين بين جديد يُلبسونه لباس الأمِّي الذي لا يفقه شيئا، والخبير القديم الذي يجعلون منه فاهما لكلِّ شيء، ولكن بين هذا وذاك تضيع الكفاءات الحقَّة، إمَّا بانحراف مسارها نحو الصراع الذي لا طائلة منه، أو نحو الرضى بالصمت في اتجاه التهميش والإقصاء.

وكَم أعجب كلَّ العجب، مِن عاملين معي التقيتُ بهم في سنوات عملي الأولى، حينما كنتُ جديدا، وكانوا يومها يوصَفون بأنَّهم قدامى، يعني خبراء، ولكن إذ بي أجدهم أجهل الناس بما يقومون به، بل أفضلهم لم يفهم الوقائع وما تغيَّر فيها، وأحسنهم قد عمل سنة واحدة ثمَّ قام بنسخها بقية السنوات الأخرى، وأروعهم تعلَّم كافة أساليب الغش والمكر، بينما في الصورة، هُم العامِلون الذين لا يُشقُّ لهُم غبار في أعين العامَّة وبعض مَن يُوصفون بالخاصَّة.

عندما تجد مَن يصدِّقُ أسطورة "القديم في العمل هو أحسن العمَّل" فكبِّر على تلك المؤسسة ثلاثًا، لأنَّك لن تجن مِن المرحاض المتعفِّن لسنوات – أكرمكم الله – لن تجن منه العطور الراقية، بل إنَّ هؤلاء القدامى تجدهم يتربَّصون بالكفاءات الحقَّة، يحاولون إمَّا استمالتهم عبر الترغيب، وجذبهم إلى دائرة العفن الخاصَّة بهم، وعندما لا يجدون أيَّة استجابة، فإنَّهُم يعمدون إلى إلصاق التهم بهم، تلك التهم الجاهزة، مِن قبيل أنَّه يرتكب أخطاء كثيرة، أو أنَّه غير منضبط ... وغيرها، حتى يخفون حجمهم الواقعي بالمقارنة بهذا العملاق الذي قضَّ مضجعهم دون انذار.

العفن يا سادة ليس خبرة مهنية، والقديم عليه أن يرحل، لأنَّ مدَّة صلاحيته قد انتهت تماما، وإن ما كان مقدَّرًا له البقاء، عليه أن يلتزم بموقع الناصح فقط، أمَّا العمل لا يديره بالكفاءة العالية سوى تلك الطاقة التي تنبع من الشباب المتخصص، لأنَّ الدجل والخرافات لا تصنع المعامل والمؤسسات، بل تفسدها وتجعل أعزاءها أذلاء.

صرتُ ارتاب مِن كلِّ كبير في السن يدخل المعمل الذي اشتغل فيه، فقد صار كلُّ مَن يوصف بأنَّه خبير في محيطي، مصدر ازعاج لي غير مبرر، وهذه ليست إلاَّ نتيجةً لما لمستُه مِن هؤلاء الجهلة الخوّافين، الذين قضوا حياتهم في تعلُّم طرائق المكر وحياكتها، حتى صاروا خبراء في الإفساد والتعطيل، في صناعة الإشاعات وتعليب الشائعات، وهنا أسأل: ما مراد هؤلاء مِن هذه الحياة؟

لا تنتظر مِنَ الذي ترعرع بالقرب من المجاري أن يفرح إن أهديته باقة ورود، فمَن عاش قرب مكبَّات النفايات لن يقدِّر قيمة الحدائق الغنَّاء، لهذا ما يمكنني رصده هو أنَّ الخبرات ليست بالقديم والجديد، بطول مدَّة الخدمة أو قصرها، بل بالمردود، وهذه النقطة تحديدا هي نادرة للغاية في موطني.

فرق كبير بين العامل والخامل، الأوَّل يبني الأوطان، والثاني يهدمها، لهذا لا خير في مَن يفضِّلون الخاملين على العاملين، فهؤلاء سند فاضح للمخرّبين، الذين يعملون على تفجير المؤسسات من الداخل، إن هُم يعلمون علم اليقين، بأنَّ الفاشل لن يقدِّم سوى الفشل، وإن طال بقاؤه في معمل ما، فإنَّ ذاك المكان سيتحوَّل إلى بؤرة للشر، بدل أن تكون مقصدا للنزهاء والمستضعفين.

حتى لو كان محيطكَ خاملا، فكُن العامِل الوحيد، احذر مكرهم، ولكن هذا لا يمنعك مِن تقديم أفضل ما لديك، ففي نهاية المطاف، ما ينفع الناس هو الباقي وهو الذي يحمل بذور الاستمرارية، وما يضرهم سيتلاشى وينتهي حتما.

...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

Dr. Mezouar Mohammed SaidBy Mezouar Mohammed Said


More shows like Dr. Mezouar Mohammed Said

View all
رموز | Rumooz by Atheer ~ أثير

رموز | Rumooz

448 Listeners