حكايات من الكتب

الخطاب والتغير الاجتماعي


Listen Later

الهدف الرئيسي هو بناء مدخل للتحليل اللغوي يمكنه الإسهام في بحث التغير اللغوي وسد الفجوة بين الكفاءة النظرية والتطبيق العملي، حيث بدأ الباحثون يدركون اليوم طرق ارتباط جوانب التغير في استعمال اللغة بجوانب التغير الاجتماعي والثقافي الأوسع نطاقًا. يشير المصدر إلى امتداد مفهوم السوق ليشمل مجالات جديدة في الحياة الاجتماعية، مثل التعليم والرعاية الصحية والفنون، مما أدى إلى إعادة هيكلتها وإعادة تعريف مفاهيمها لتتوافق مع مبادئ إنتاج السلع وتسويقها. هذه التغيرات لها آثار عميقة على العلاقات الاجتماعية والهويات المهنية والاجتماعية للعاملين في هذه القطاعات. وجانب كبير من تأثير هذه التغيرات يكون في ممارسات الخطاب، مما يتطلب الانخراط في أنشطة جديدة تحددها ممارسات الخطاب إلى حد كبير، مثل التسويق. الهدف هو وضع مدخل لتحليل الخطاب يمكن استخدامه كمنهج في جوانب التغير الاجتماعي. يجب أن يكون هذا المدخل متعدد الأبعاد، صالحًا للتحليل المتعدد، ويسمح بتقييم العلاقات بين التغير الخطابي والاجتماعي، وإقامة العلاقة بين الخصائص التفصيلية للنصوص والخصائص الاجتماعية. كما يجب أن يكون المنهج نقديًا، أي يبين الروابط الخفية وغير الشفافة عادة للأشخاص المرتبطين بها ثقافيًا واجتماعيًا، ويدعم المتضررين بسبب التغير. من المهم تجنب صورة التغير الخطابي كعملية ذات اتجاه واحد من القمة إلى القاعدة؛ بل نجد صراعًا حول هيكلة النصوص ونظم الخطاب. يتطرق المصدر إلى مداخل مختلفة لتحليل الخطاب، مثل تركيز سنكلير وكولتارد على النصوص كنواتج للعمليات الخطابية. ويشير إلى أهمية الانتباه إلى العمليات الخطابية والتفسير والإنتاج. كما يذكر مدخل بوف وفانشيل الذي يشير إلى تحليل "شامل" للخطاب، ولكنه يحدد عددًا من المشكلات فيه. ويشيران إلى تحليل الخطاب العلاجي، بما في ذلك مزج الأساليب والمضمون. مدخل بوتر ووذريل يوصف بأنه غير ناضج نسبيًا، ويركز على الاستراتيجيات البلاغية للمتكلمين وهو متحيز فرديًا. علم اللغة النقدي يعتمد كثيرًا على عمل هاليداي في النحو المنهجي، ويركز على النحو والمفردات في النصوص، ويهتم بطرق الإشارة إلى العلاقات الاجتماعية والهويات. من أوجه القصور فيه ميله للتسليم بالآثار الأيديولوجية وإعادة الإنتاج الاجتماعي للعلاقات القائمة، وتجاهل الخطاب كساحة يجري فيها الصراع الاجتماعي. يبرز المصدر عمل فوكو كإسهام مهم في بناء تركيب يجمع بين تحليل الخطاب ذي التوجه اللغوي والنظرية الاجتماعية الحديثة في اللغة والخطاب، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الخطاب والسلطة والبناء. يختلف مدخل فوكو بشكل كبير عن تحليل النصوص، ويركز على "قواعد التكوين" و"إمكانية الخطاب" و"الاستراتيجيات". فوكو يعترف بإمكانية خضوع الخطاب للتحكم فيه من "الخارج" عن طريق القيود غير الخطابية. كما يشير إلى وظيفة الخطاب في الممارسات غير الخطابية وإلى "قواعد" وعمليات "الاستيلاء على الخطاب". يعرف فوكو "الاعتراف" بأنه يرتبط بالسلطة، حيث أن الموضوع الذي يتكلم هو موضوع الخطاب، والاعتراف يعني ضمنيًا علاقة سلطة بين المشاركين. الصراع على السلطة يحدث في الخطاب. وتغير الممارسات الخطابية عناصر مهمة من عناصر التغير الاجتماعي. يناقش المصدر مفاهيم رئيسية للتحليل مثل:
  • الممارسة الخطابية: تشمل عمليات إنتاج النص وتوزيعه واستهلاكه، وتختلف طبيعتها حسب أنواع الخطاب والعوامل الاجتماعية.
  • التناص: يعتبر مصدرًا كبيرًا لالتِباس معاني النصوص. يحدث عندما يتضمن نص أجزاءً من نصوص أخرى. يؤدي إلى وجود أشكال متعايشة في تكوين الخطاب الإعلامي.
  • الافتراض المسبق: مقولات يعتبر منتج النص صحتها مُسلَّم بها. غالبًا ما تحمل آثارا أيديولوجية.
  • النوع والأسلوب والخطاب: مصطلحات تُستخدم لوصف أنماط الخطاب المختلفة [53، 54]. "النوع" مفهوم شامل ويتفق وثيقًا مع أنماط الممارسة الاجتماعية الأخرى. نظام الأنواع يختلف في مدى قابليته للاشتباك الحر مع أنماط الخطاب الأخرى. التغير في نظام الأنواع وتأثيره على الأنماط الأخرى مهم من منظور الكتاب.
  • الصياغة والمفردات: تشير إلى استخدام ألفاظ معينة لمجالات معينة من المعنى. يمكن مقارنة صياغة المجالات المختلفة. "التكدس الصياغي" يدل على "الانشغال الشديد" ووجود "خصائص أيديولوجية". إعادة الصياغة تسير جنبًا إلى جنب مع إعادة الهيكلة الدلالية.
  • الاستعارة: يمكن لبعض الاستعارات أن تكتسب طابعًا طبيعيًا في الثقافات، حتى أن الناس لا يدركون غالبًا أنها استعارات. مثال: المجاز القائم على اعتبار "الحجة حربًا". إضفاء الطابع الحربي على الخطاب يعني إضفاءه على الفكر والممارسة الاجتماعية.
يتم تحليل عينات خطاب مختلفة (مقابلات طبية شخصية، سرد في محادثة، نصوص إعلانية/تعليمية) لتوضيح هذه المفاهيم. تظهر العينات الطبية اختلافًا في نظم تناوب الأدوار والتحكم في الموضوعات بين الممارسة الطبية التقليدية والبديلة. كما تظهر اختلافًا في التأدب وعلاقات السلطة. تحليل نصوص مثل دليل الرعاية وبطاقة باركليكارد والدليل الجامعي يوضح مفاهيم مثل التناص، الصياغة، والاستعارة. يُشير المصدر إلى تأثير ظواهر مثل التسليع وانتشار النزعة الاستهلاكية على إعادة بناء نظم الخطاب المؤسسية. كما يلاحظ اتجاهًا إلى تحويل المجال الجماهيري للأحداث إلى مادة للمجال الشخصي، واستيلاء المؤسسات على المحادثة. يبدو أن إضفاء التكنولوجيا على الخطاب قد امتد واتسع ليشمل مجالات جديدة. يقدم المصدر ثلاثة تفسيرات مختلفة للاتجاهات المعاصرة في الخطاب: استعمار ذي خط واحد، صراع على الهيمنة، وتفتيت. كل تفسير يشير ضمنًا إلى نموذج معين للممارسة الخطابية. يمثل نموذج الهيمنة جانبًا مهمًا من نظام الخطاب المجتمعي المعاصر. يرى المصدر أن العلاقة بين التسليع وإضفاء الديمقراطية على الخطاب قد تكون أكثر تعقيدًا مما يبدو، حيث أن التسليع قد يعني في الواقع إضفاء الديمقراطية على الخطاب. يشير المصدر إلى أن تفتت نظم الخطاب المحلية أصبح، فيما يبدو، من شروط زيادة إضفاء التكنولوجيا على الخطاب. ويعتبر أن تأثير اتجاهات التسليع وإضفاء الديمقراطية واحتلال تكنولوجيا الخطاب ينتج غالبًا عن احتلال تكنولوجيا الخطاب من خلال التدريب الذي ينشر طرقًا محددة لاستخدام الخطاب عبر المؤسسات. في الختام، يؤكد المصدر أن كل نموذج من النماذج التفسيرية (الاستعمار، الهيمنة، التفتيت) يبين جانبًا مهمًا من نظام الخطاب المعاصر. ويدعو إلى التركيز على ضروب التوتر بين النماذج بدلاً من اختيار نموذج واحد ورفض غيره. كما يشير إلى أن تكنولوجيا الخطاب، مثل غيرها، تتيح إمكانيات معرفية ولكنها قد تكون غير متاحة للجميع. يمكن استخدام المعرفة لتحقيق التغير من المستوى الأسفل، كما أن إدراج الوعي النقدي باللغة في التعليم يمنح الطلاب المعرفة اللازمة لإحداث التغير في ممارساتهم الخطابية.
...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

حكايات من الكتبBy حكايات من الكتب