طيبات أبي الطيب" مع د. علي بن تميم يصحبنا فيها د. علي بن تميم إلى بساتين المتنبي ومسكياته
فِراقٌ وَمَن فارَقتُ غَيرُ مُذَمَّمِ
وَأَمٌّ وَمَن يَمَّمتُ خَيرُ مُيَمَّمِ
وَما مَنزِلُ اللَذّاتِ عِندي بِمَنزِلٍ
إِذا لَم أُبَجَّل عِندَهُ وَأُكَرَّمِ
سَجِيَّةُ نَفسٍ ما تَزالُ مُليحَةً
مِنَ الضَيمِ مَرمِيّاً بِها كُلُّ مَخرَمِ
رَحَلتُ فَكَم باكٍ بِأَجفانِ شادِنٍ
عَلَيَّ وَكَم باكٍ بِأَجفانِ ضَيغَمِ
وَما رَبَّةُ القُرطِ المَليحِ مَكانُهُ
بِأَجزَعَ مِن رَبِّ الحُسامِ المُصَمِّمِ
فَلَو كانَ ما بي مِن حَبيبٍ مُقَنَّعٍ
عَذَرتُ وَلَكِن مِن حَبيبٍ مُعَمَّمِ
رَمى وَاِتَّقى رَميِي وَمِن دونِ ما اِتَّقى
هَوىً كاسِرٌ كَفّي وَقَوسي وَأَسهُمي
إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ
وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ
وَعادى مُحِبّيهِ بِقَولِ عُداتِهِ
وَأَصبَحَ في لَيلٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ
أُصادِقُ نَفسَ المَرءِ مِن قَبلِ جِسمِهِ
وَأَعرِفُها في فِعلِهِ وَالتَكَلُّمِ
وَأَحلُمُ عَن خِلّي وَأَعلَمُ أَنَّهُ
مَتى أَجزِهِ حِلماً عَلى الجَهلِ يَندَمِ
وَإِن بَذَلَ الإِنسانُ لي جودَ عابِسٍ
جَزَيتُ بِجودِ التارِكِ المُتَبَسِّمِ
وَأَهوى مِنَ الفِتيانِ كُلَّ سَمَيذَعٍ
نَجيبٍ كَصَدرِ السَمهَرِيِّ المُقَوَّمِ
خَطَت تَحتَهُ العيسُ الفَلاةَ وَخالَطَت
بِهِ الخَيلُ كَبّاتِ الخَميسِ العَرَمرَمِ
وَلا عِفَّةٌ في سَيفِهِ وَسِنانِهِ
وَلَكِنَّها في الكَفِّ وَالفَرجِ وَالفَمِ
وَما كُلُّ هاوٍ لِلجَميلِ بِفاعِلٍ
وَلا كُلُّ فَعّالٍ لَهُ بِمُتَمِّمِ