من طيبات أبي الطيب: أرق على أرق ومثلي يأرق
في هذه الحلقة الجديدة من الموسم الثاني من برنامج "من طيبات أبي الطيب" نرتحل مع د. علي بن تميم في بساتين أبي الطيب المتنبي، مع واحدة من أشهر قصائده، والتي نرى فيها كل خصائص شعره من المدح إلى الغزل إلى الفخر إلى الحكمة، ويُعاني المتنبي في مطلع قصيدته من الأرق الطّويل الذي لا ينقطع، هذا الأرق الشّديد الذي دفعه إلى البكاء والأسى، ثم يقول في البيت الثاني إنَّ غاية الصّبابة أو الشوق، هو بلوغ الحالة التي يعيشها هو في هذه اللحظات التي يكتب فيها قصيدته، فعيونه مُتعبة من شدّة البُكاء والقلق.
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ
وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى
عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ
ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ
إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ
جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي
نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ
فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني
عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا
أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ
أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ
نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ
جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا