حلقة جديدة من الموسم الثاني من برنامج "من طيبات أبي الطيب" يصحبنا فيها د. علي بن تميم إلى بساتين المتنبي ولحظة الوداع الحزينة التي تجعله يودع قلبه مع وداع المحبوب في واحدة من أجمل ما كتب شاعر العرب الكبير.
حُشاشَةُ نَفسٍ وَدَّعَت يَومَ وَدَّعوا
فَلَم أَدرِ أَيَّ الظاعِنَينِ أُشَيِّعُ
أَشاروا بِتَسليمٍ فَجُدنا بِأَنفُسٍ
تَسيلُ مِنَ الآماقِ وَالسِمِ أَدمُعُ
حَشايَ عَلى جَمرٍ ذَكِيٍّ مِنَ الهَوى
وَعَينايَ في رَوضٍ مِنَ الحُسنِ تَرتَعُ
وَلَو حُمِّلَت صُمُّ الجِبالِ الَّذي بِنا
غَداةَ اِفتَرَقنا أَو شَكَت تَتَصَدَّعُ
بِما بَينَ جَنبَيَّ الَّتي خاضَ طَيفُها
إِلَيَّ الدَياجي وَالخَلِيّونَ هُجَّعُ
أَتَت زائِراً ما خامَرَ الطيبُ ثَوبَها
وَكَالمُسكِ مِن أَردانِها يَتَضَوَّعُ
فَما جَلَسَت حَتّى اِنثَنَت توسِعُ الخُطا
كَفاطِمَةٍ عَن دَرِّها قَبلَ تُرضِعُ
فَشَرَّدَ إِعظامي لَها ما أَتى بِها
مِنَ النَومِ وَاِلتاعَ الفُؤادُ المُفَجَّعُ
فَيا لَيلَةً ما كانَ أَطوَلَ بِتُّها
وَسُمُّ الأَفاعي عَذبُ ما أَتَجَرَّعُ
تَذَلَّل لَها وَاِخضَع عَلى القُربِ وَالنَوى
فَما عاشِقٌ مَن لا يَذِلُّ وَيَخضَعُ
غَمامٌ عَلَينا مُمطِرٌ لَيسَ يُقشِعُ
وَلا البَرقُ فيهِ خُلَّباً حينَ يَلمَعُ
يَمُجُّ ظَلاماً في نَهارٍ لِسانُهُ
وَيُفهِمُ عَمَّن قالَ ما لَيسَ يَسمَعُ
فَصيحٌ مَتى يَنطِق تَجِد كُلَّ لَفظَةٍ
أُصولَ البَراعاتِ الَّتي تَتَفَرَّعُ
أَلَيسَ عَجيباً أَنَّ وَصفَكَ مُعجِزٌ
وَأَنَّ ظُنوني في مَعاليكَ تَظلَعُ