شخص يشعر بالثقل على قلبه، كأن الدنيا بكل همومها تحمله. كان يقضي وقته في القلق على ما فات، والحوف مما هو آت. يتمنى لو أن الأمور كانت غير ذلك، ويحسد من يراهم أكثر سعادة منه. في يوم من الأيام، وبينما هو يبحث عن مخرج لحاله، وقع بين يديه كتاب يحمل عنوانًا يبعث الأمل: "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة". قرر أن يغوص في صفحاته، علّه يجد فيه ما ينير دربه. تعلم من الكتاب أن مفتاح البداية هو الاعتماد الكامل على الله، وأن يؤمن بقضائه وقدره، وأن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. فهم أن القلق لن يعيد الماضي الذي ذهب ولن يصلح المستقبل الذي لم يأتِ بعد، وأن عليه التركيز على يومه ووقته الحالي والاستفادة منه فيما ينفعه. اكتشف أهمية النظر إلى نِعم الله الكثيرة عليه التي لا تُحصى، وأن يتذكرها باستمرار. وأن يقارن حاله بمن هم أقل حظًا منه في أمور الدنيا، فهذا يبعث على الرضا. وجد أن من أعظم الوسائل للسعادة هو أن يشغل نفسه بالأمور النافعة، سواء كانت عملاً مفيدًا يعود عليه بالنفع أو طلب علم يثري روحه وعقله. وتعلم أن ترتيب الأمور وتحديد الأولويات، والبدء بالأهم، يجعله قادرًا على إنجاز مهامه دون الشعور بالثقل والكثير. نصحه الكتاب بأن يكون قوي القلب، لا يستسلم للأوهام والمخاوف. وأن يركز تفكيره في الأمور التي تجلب له الخير والمنفعة وتبعد عنه الشر والأذى. لم تقتصر الوسائل على الجانب الداخلي فقط، بل شملت الجسد أيضًا؛ حيث قرأ عن أهمية النشاط البدني وممارسة الرياضة النافعة التي تجدد طاقته. وأدرك ضرورة هجر ما يضره واختيار ما ينفعه في كل شيء. كما وجد أن السعادة تكمن أيضًا في العطاء للآخرين. فتعلم أن السعي في نفع الخلق وتخفيف آلامهم، والإحسان إليهم والصفح والعفو عمن أساء، يجلب للقلب بهجة وسرورًا لا مثيل لهما. وأخيرًا، والأهم من كل ذلك، أدرك أن سعادته مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بخالقه. فتعلم أن كثرة ذكر الله والاستغفار والدعاء، تجلب للقلب طمأنينة وسكينة لا يجدها في شيء آخر. وأن شكر الله على نعمه يزيدها ويبارك فيها. بات يمارس هذه الوسائل يومًا بعد يوم. أصبح يعيش حاضره بامتنان، ويسعى فيما ينفعه بيقين. لم يعد الخوف من المستقبل يشل حركته، ولا الحسرة على الماضي تثقل كاهله. وبدلًا من الانكفاء على نفسه، بدأ يمد يد العون للآخرين. وهكذا، تحول حاله من ضيق إلى سعة، ومن حزن إلى سرور. اكتشف أن الحياة السعيدة ليست شيئًا صعب المنال، بل هي نتيجة لتبني هذه الوسائل النافعة التي تبدأ من القلب وتنعكس على الجوارح والحياة بأسرها. وعاش بعدها في سعادة وهناء، يرجو رحمة الله وفضله دائمًا.