لامو هي الجزيرة التي هاجر إليها السيد سيف الابن الثالث للإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي مؤسس الدولة البوسعيدية وتوفي فيها عام ١٢٠٤هـ/ ١٧٨٨م. وجزيرة لامو تعد جزءاً من أرخبيل لامو الذي يتكون من مجموعة من الجزر: (لامو، بته، سيوا، وغيرها) يقع في شرق إفريقيا -كينيا حالياً-، وكان الساحل الشرقي لإفريقيا جزءاً من الامتداد التاريخي لعُمان في أزمان ماضية.كيف وصل السيد سيف ابن الإمام أحمد البوسعيدي إلى لامو؟ اختلف السيد سيف مع والده الإمام أحمد وحاول الانقلاب عليه ثلاث مرات آخرها في محرم ١١٩٦هـ/ ديسمبر ١٧٨١م، حيث قام السيد سيف وأخوه سلطان بالقبض على أخيهما السيد سعيد، وكان مقيما في قرية حبرا بوادي المعاول، وأخذاه إلى مسقط، وتحاربا مع والدهما، لكن كبار شيوخ عُمان أصلحوا بينهم. وعلى أثر ذلك خرج السيد سيف وأخوه السيد سلطان من عُمان وتوجها إلى جزيرة جوادر على ساحل مكران، ونزلا في ضيافة ناصر خان حاكم كلات. وعندما علما بوفاة الإمام أحمد عادا إلى عُمان، واعترضا على إمامة أخيهما سعيد وحاولا تنصيب أخيهما السيد قيس؛ لكن تلك المحاولات فشلت. ولهذا قرر السيد سيف ترك عُمان والتوجه إلى شرق إفريقيا، وكتب المؤرخ ابن رزيق في الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين: "ولما نمت هيبة حمد وسطوته، استوحش منه عمه سيف ابن الإمام أحمد بمقدمات جرت بين سيف وأخيه سعيد بن الإمام". وأضاف: "فمضى سيف إلى لاموه من أرض الزنج". وقيل إنه كان يهدف من توجهه إلى زنجبار إلى إقامة إمارة بوسعيدية في شرق إفريقيا، وقد تبعه السيد حمد ابن الإمام سعيد حينما عرف بأهدافه فوجده ميتا في لامو، وكان هذا الحدث في عام ١٢٠٤هـ/ ١٧٨٨م.وللسيد سيف ابنة اسمها السيدة عزة وهي زوجة السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي مؤسس الإمبراطورية العُمانية، وله ابن هو السيد بدر الذي استدعته السيدة موزة من الزبارة بقطر حتى يكون في صفها وهذا كان جزء من الترتيب السياسي الذي قامت به إثر وفاة أخيها السيد سلطان وتعيين ابنه السيد سعيد خلفاً له، وقُتل السيد بدر في عام ١٨٠٦م بعد الخلاف الذي اشتد بينه وبين السيد سعيد بن سلطان.وبالعودة إلى الوراء، يمكن القول أن لامو اسم ليس بغريب على العُمانيين عموماً، فهو أرخبيل كان جزءً من الامتداد الحضاري لعُمان التاريخية. ولبيان ذلك، فهذا الأرخبيل كان الوجهة التي هاجر إليه ملكا عُمان سعيد وسليمان ابني بن عباد بن عبد بن الجلندى المعولي في الساحل الشرقي لإفريقيا، حيث نزلا في جزيرة بات بأرخبيل لامو، وذلك في أعقاب الحملة الأموية على عُمان في عام 82هـ/ 702م. ونتيجة للهجرات العُمانية المتتالية توسعت هذه الإمارة الجلندانية لاسيما بعد هجرة سعيد وسليمان في أرخبيل لامو، وازداد عدد سكانها من العُمانيين وغيرهم، ومن جزيرة بات انتشروا في بلدان الشرق الأفريقي والتي استوطنها أيضا العُمانيون قبل الاسلام. فتعد مملكة الجلندانيين أول مملكة عُمانية عربية إسلامية تؤسس في عصر مبكر من تاريخ الإسلام في شرق إفريقيا، وهي الأساس لكل الإنجازات الحضارية العربية الإسلامية في شرق إفريقيا. ثم هاجر قوم من العتيك من أزد عُمان يعرفون بالنباهنة إلى الساحل الشرقي لإفريقيا في أواخر القرن السابع للهجرة، 699هـ/ 1299م، واستقروا في جزيرة بات من أرخبيل لامو حيث استطاع الملك النبهاني سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني تأسيس إمارة للنباهنة العُمانيين في بات.وفي عهد اليعاربة والبوسعيد توسع الحضور العُماني في شرقي إفريقيا، فأصبحت زنجبار عاصمة ثانية للإمبراطورية العُمانية في عهد السلطان السيد سعيد بن سلطان. ويمكن القول أن الرخاء الاقتصادي والتسامح الديني على أهل الساحل الشرقي لإفريقيا هو سمة الحضور والأثر العُماني في هذه المنطقة التي كانت جزء من الامتداد الحضاري للعُمانيين ولازالت.ومؤخراً، وفي فبراير من عام 2023م قامت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عُمان بالتنسيق مع سفارة السلطنة في نيروبي وبالتعاون مع وزارة السياحة والحياة البرية والتراث بجمهورية كينيا بافتتاح متحف لامو بعد إجراء بعض التحسينات عليه من ناحية صيانة المبنى ومن ناحية المادة التاريخية والوثائقية المعروضة في المتحف.
وهذا المتحف لامو في الأصل كان مقراً لوالي البوسعيديين، حيث تم تأسيس هذا المبنى التاريخي في عام 1892م من قبل عبد الله بن حمد بن سعيد البوسعيدي والي لامو في عهد السلطان السيد علي بن سعيد بن سلطان البوسعيدي (1890-1893م)، بعد استصلاح مساحة من الأراضي داخل المحيط، ويجسد المبنى طراز المنازل الراقية التي تعود للقرن 19 الميلادي الواقعة على الواجهة البحرية، وقد حوّل المبنى ليكون مقراً لإقامة الوالي المعين من قبل سلاطين الأسرة البوسعيدية في شرق أفريقيا. تم استخدام المبنى لاحقاً من قبل شركة شرق إفريقيا التابعة للإمبراطورية البريطانية (I.B.E.A) وكبار المسؤولين الاستعماريين البريطانيين قبل أن يصبح مقر إقامة المفوض المسؤول عن المنطقة حتى عام 1968م، واستحوذت عليه أخيراً هيئة المتاحف الوطنية في كينيا وحولته إلى متحف في عام 1971م.
ومنذ ذلك الحين أصبح متحف لامو مركزاً للمصادر التعليمية، وتم تخصيصه للحفاظ على هوية سكان الساحل وحفظ المواد المتعلقة بتاريخهم وثقافتهم وتقاليدهم.