السيدة الجليلة ميزون بنت أحمد بن علي بن تمان المعشنية زوجة السلطان سعيد بن تيمور
(1350-1390هـ/ 1932-1970م)، ووالدة السلطان قابوس،
التي يصفها العُمانيون بقلب عُمان النابض، ورمز التواضع والكرم والجود والعطاء، فقد أخذت من اسمها الكثير؛ فاسم ميزون في اللغة العربية يمكن إرجاعه إلى كلمتين: المُزْن وهي الغيم والسحاب، ومزون أيضاً هي اسم من أسماء عُمان. والكلمة الأخرى هي الميزان وتعني العدل. ومهما يكن فالاسم رمز للعطاء والخير والعدل. ويذكر المعشني في معجم لسان ظفار في تعريفه اسم ميزون باللغة الجبالية أو الشحرية: اسم مؤنث اشتق من الميزان، ويعني رجحان الصفات الحميدة لمن سمّيت به، ويُنْطَق: مِزُنْ.أما كلمة "الجليلة" فعند صاحب لسان العرب، جلل: الله الجليل سبحانه ذو الإجلال والإكرام، جلَّ جلال الله، وجلال الله: عظمته. والأنثى جليلة وجُلالة. وأورد الصفات المرتبطة بها، كمال الذات والصفات، وهي بذلك تعني المرأة عظيمة القدر الوقورة، ذات المكانة والهيبة. وهو لقب يجسّد المكانة التي تبوأتها السيدة ميزون كونها زوجة سلطان ووالدة سلطان ينتمي إلى أقدم أسرة عربية حاكمة هي أسرة البوسعيد. وتعد السيدة ميزون الأولى التي تحمل لقب "السيدة الجليلة" في تاريخ عُمان كلقب نسائي يشير إلى السيدة الأولى لعُمان في عهد السلطان قابوس بن سعيد. كان للسيدة الجليلة ميزون بصمة خاصة في حياة ابنها الوحيد قابوس سلطان عُمان ومؤسس نهضتها الحديثة، ويصف بليخانوف
علاقة السلطان قابوس بوالدته في كتابه "مصلح على العرش": "أما علاقات قابوس بن سعيد بوالدته فكانت دوماً تتميز بالدفء والحنان. وفي أحلك السنوات بالنسبة له شدَّت السيدة ميزون أزره وساعدته بالكلمة الرقيقة المشاركة الصادقة؛ كي يتحلى بالقوة والإيمان بالمستقبل. لقد ظل عندما تسلم مقاليد الحكم يستمع إلى نصائحها ويقدر غاية التقدير ذهنها الثاقب ووصاياها العملية".
كان للسيدة الجليلة ميزون حضور مهم ومؤثر في المجتمع العُماني؛ إذ تُعد السيدة الجليلة ميزون رائدة للعمل التطوعي والإنساني، فكانت داعمة ومباركة للدور المهم والمؤثر لجمعيتي المرأة العُمانية في مسقط وصلالة، ويمكن تلمس ذلك الدعم من خلال رسالة بعثتها السيدة الجليلة ميزون إلى جمعية المرأة العُمانية بمسقط في 28 يوليو 1977م، مما جاء فيها: "السيدة الفاضلة رئيسة جمعية المرأة العُمانية أهديكم تحياتي واعتزازي بجمعيتكم الموقرة ويسعدني أن أشيد بجهودكم الطيبة في سبيل النهوض بالمرأة العُمانية، فالمرأة هي الأم والزوجة والشقيقة والابنة... فإذا نهضت المرأة كان ذلك دافعاً قوياً لنهضة المجتمع بأكمله، لذلك فإن موجة السعادة لتغمرني عندما أرى نشاط جمعيتكم وأثرها الفعال في الارتقاء بالمرأة العُمانية".وقد اتخذت السيدة الجليلة ميزون من جمعية المرأة العُمانية في صلالة فضاءً رحباً للاجتماع بالنساء ومناقشة أحوال المجتمع والأسرة. كما كان للسيدة الجليلة ميزون اهتمام خاص بالمساجد والأضرحة والمدارس؛ حيث وجّهت السيدة الجليلة ميزون بإعادة بناء بعض المساجد،
منها: مسجد عين الكسفة، الذي أُعيد بناؤه بأمر من السيدة ميرون بعد زيارتها لعين الكسفة في عام 1985م. كما وجّهت السيدة ميزون بترميم عدد من الأضرحة، كضريح النبي عمران وضريح النبي أيوب، وضريح الإمام محمد بن علي القلعي (من علماء الشافعية في القرن 6هـ/ 12م، توفى في مرباط سنة 577هـ/ 1182م، وضريحه يعد من أهم المعالم الأثرية في الولاية)، وأضرحة بعض الأولياء الصالحين. كما وجّهت السيدة ميزون ببناء بعض المدارس كتكريم للشخصيات التي حملت اسمها، كمدرسة بنت الكاف للعلوم الشرعية، وهي بمثابة تكريم للسيدة بهية بنت حفيظ الكاف، ومدرس بنت المراث لتعليم القرآن الكريم، وهي باسم الشيخة الداعية خير بنت علي الكثيري المشهورة ببنت المراث، وغيرها. توفيت السيدة الجليلة ميزون
مساء يوم الأربعاء 13 من صفر ١٤١٣هــ الموافق 12أغسطس 1992مبسبب مضاعفات مرض السكري، ودفنت في مسقط رأسها ولاية طاقة، وتم إعلان الحداد الرسمي وتعطيل العمل في القطاعين العام والخاص وتنكيس الأعلام مدة ثلاثة أيام. ومما جاء في الإعلان الرسمي لخبر وفاتها: "بسم الله الرحمن الرحيم (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) صدق الله العظيم. بقلوب مؤمنة بإرادة الله وقضائه يوم لا راد لقضائه وبعمق الحزن والأسى ينعى ديوان البلاط السلطاني المغفور لها السيدة الجليلة والدة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم عليها رحمة الله ورضوانه التي انتقلت إلى جوار ربها مساء يوم الأربعاء الثالث عشر من شهر صفر سنة 1413هـ الموافق الثاني عشر من شهر أغسطس سنة 1992م، بعد حياة حافلة بأعمال الخير الجليلة سائلين الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الفقيدة الغالية بواسع رحمته وأن يسكنها فسيح جناته بين أوليائه الصالحين البررة والأخيار متضرعين إلى الله جلت قدرته أن يلهم مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم الصبر الجميل وأفراد أسرته الكريمة".وكتكريم لهذه السيدة الجليلة بُني جامع يحمل اسمها،
وهو جامع السيدة ميزون في الخوض بولاية السيب في محافظة مسقط، ومدرسة تحمل اسمها كذلك هي مدرسة السيدة ميزون بنت أحمد للتعليم الأساسي (5-12) في ولاية طاقة بمحافظة ظفار.