السيد نادر بن فيصل بن تركي آل سعيد (1307-1389هـ/ 1889-1970م)، يعد من الشخصيات العُمانية البارزة التي كان لها حضوراً بارزاً ومؤثراً على مستوى الأحداث السياسية والاجتماعية في السلطنة خلال القرن العشرين، وتقلد منصب أول رئيس وزراء في تاريخ السلطنة السياسي الحديث عام 1920م، حيث تولى رئاسة مجلس الوزراء لفترتين؛ الفترة الأولى: 1920م،1924 والفترة الثانية: 1925 إلى 1926 بتكليف من شقيقه السلطان تيمور بن فيصل.السيد نادر هو الابن الأكبر للسلطان فيصل بن تركي، والأخ غير الشقيق للسلطان تيمور بن فيصل. ولد في عام 1307هـ/ 1890م بقصر بيت العلم ونشأ وتربى في كنف والده السلطان، وتلقى مبادئ العلوم في مدرسة خاصة بالقصر، وفي مدرسة مسجد بيت الوكيل، كما تلقى علومه على يد الأستاذ محمد بن علي بوذينة والشيخ محمد بن شيخان السالمي، ومارس السيد نادر ركوب الخيل والرماية حتى برع ومهر فيهما. وعمل السيد نادر مستشارًا لوالده السلطان فيصل بن تركي وقائدًا لعساكره في بعض حروبه الداخلية، وتولى له ولاية سمائل إلى سنة 1331هـ/ 1913م، وكان هو وأخوه السلطان تيمور عضدي أبيهما في كل مشروع، فشهد الوقائع الحربية وقاد الجيوش مع صغر سنّه، ولقب (بأبي سابور) نسبة للملك الفارسي الشهير. ثم كان ينوب عن أخيه السلطان تيمور في فترات غيابه، وكان يشرف على مقابلة زوار البلاد، ويرتب أمور ضيافتهم وإقامتهم. فعندما زار الأمير فيصل بن عبد العزيز والشيخ أحمد الجابر الصباح مسقط في طريقهما إلى لندن عام 1919م كان السيد نادر بن فيصل من ضمن المستقبلين لهما وللحاشية التي كانت ترافقهما، وذلك بمعيّة أخيه السلطان تيمور بن فيصل الذي كان على رأس المستقبلين، على نحو ما يذكر الدكتور محمد العريمي في مقال موسع عن السيد نادر.شكّل السلطان تيمور بن فيصل أول مجلس وزراء في تاريخ عُمان (مجلس وزراء سلطان مسقط وعُمان) في محرم 1339هـ / أكتوبر1920م، يتكون من: أخيه السيد نادر؛ رئيساً، ومحمد بن أحمد الغشام والي مطرح؛ وزيراً للمالية، وراشد بن عزيز الخصيبي (ت: 1363هـ/ 1944م)؛ قاضياً لمسقط، والزبير بن علي الهوتي (ت: 1376هـ/ 1956م)؛ وزيراً للعدل. وذلك للإنابة عنه في إدارة شؤون البلاد أثناء وجوده خارجها، وأعطيت للمجلس صلاحية كاملة للتدخل في جميع أمور الدولة ما عدا الشؤون الخاصة بالسلطان، وكان المجلس يجتمع مرتين في الأسبوع، وفي عام 1347هـ/ 1929م عين السلطان تيمور ولده السيد سعيد بن تيمور رئيسا لمجلس وزراء عُمان. وكان مجلس الوزراء يدير شؤون حكومة مسقط الإدارية والسياسية خلال الفترة من 1920 – 1932، ومن بين الجهود التي قام بها السيد نادر أثناء رئاسته للمجلس زيارته إلى خصب في 14 أغسطس 1921م للنظر في شؤون الرعايا. وتوضح تفاصيل تلك الزيارة رسالة موجهة من مجلس وزراء سلطنة مسقط وعُمان إلى السلطان تيمور بن فيصل حول تفاصيل زيارة السيد نادر بن فيصل إلى خصب للنظر في أحوال الرعية. مؤرخة في: 10/12/1330هـ - 14/8/1921م. وفي 18 مايو 1925 تم توقيع امتياز النفط لمدة عامين مع شركة دارسي المحدودة Darcyواعتمد هذا الامتياز من قبل السيد نادر نيابة عن السلطان الذي كان قد فوّض السيد نادر بن فيصل ومجلس الوزراء، في رسالة منه إلى المجلس بتاريخ 13 رمضان 1343 هـ الموافق 6 أبريل 1925م، للتوقيع على هذه الاتفاقية لوجود السلطان في الهند. وكان للسيد نادر بن فيصل دورٌ كبير في سلاسة الحكم السلطنة من السلطان تيمور بن فيصل إلى ابنه السلطان سعيد بعد تنازل الأول للثاني في فبراير عام 1932م. عرف عن السيد نادر بن فيصل اهتمامه بالأدب لا سيما وأنه نشأ في وسط ثقافي زاخم في ظل وجود العديد من الأدباء والشعراء والمثقفين في بلاط والده السلطان فيصل بن تركي، عدا الأدباء والمفكرين والسوّاح العرب والمسلمين الذين كانوا يفدون على مسقط من وقتٍ لآخر؛ الأمر الذي وسّع من مدارك هذا السيّد وأكسبه ثقافةً واسعة. وكان للسيد نادر بن فيصل العديد من الأنشطة الاجتماعية التي واكبت استقباله بعض الشخصيات مثل: صاحب مجلة المنار محمد رشيد رضا والزعيم سليمان الباروني. وكان للسيد نادر بيت كبير مقابل مسجد بيت الوكيل في حي القصر بمسقط، وعاشت بمعيته في هذا البيت الكبير البارز، أسرته المكونة من زوجه السيدة خولة بنت علي بن سالم آل سعيد، وابنتهما السيدة مزنة. وعند قدوم السلطان تيمور إلى عُمان عام 1945 كان بيت أخيه السيد نادر هو مقامه ومزار ضيوفه وصحبه، وبقي السلطان تيمور في بيت أخيه إلى أن عاد إلى الهند. وقد استخدم لفترة بعد وفاة السيد نادر كمكتب مؤقت لوزارة المواصلات في السبعينات من القرن العشرين، كما استخدم كمقر لهيئة جمع المخطوطات العُمانية عند تأسسها عام 1974 حتى عام 1976، ولاحقًا كمتحف، ففي عام 2018م آلت ملكيته للمتحف الوطني العُماني.أُصيب السيد نادر بن فيصل بعدد من الأمراض أدت به إلى الابتعاد عن المشهد السياسي لفترات من الزمن والتخلي عن بعض المناصب، ففي عام 1926 تخلى عن منصب رئاسة الوزراء لنائبه السيد محمد بن أحمد الغشام واعتزل الوظائف العامة؛ وفي أكتوبر 1938م سافر السيد نادر بن فيصل للهند للعلاج. عمّر السيد نادر طويلًا دون مشاركة سياسية في عهد ابن أخيه السلطان سعيد بن تيمور، إلى أن توفي في ذي القعدة 1389هـ/ يناير 1970م عن عمر يناهز 80 عاماً.