السلطان الذي أشار إليه المؤرخ المغيري في كتابه جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار بأنه: "أول السلاطين البوسعيديين، من أولاد الإمام الذين زاروا الجزيرة الخضراء"، هو السلطان السيد حمود بن محمد بن سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيدي (1314-1320هـ/ 1896-1902م)، سابع سلاطين الأسرة البوسعيدية بسلطنة زنجبار، والده السيد محمد الابن الرابع للسيد سعيد بن سلطان. وُلد السيد حمود في مسقط عام 1270هـ/ 1853م، وسافر من مسقط إلى زنجبار في أيام حكم عمه السلطان السيد ماجد بن سعيد(1273-1287هـ/ 1856-1870م)، وتزوج من ابنة عمه السيدة خنفورة بنت السلطان السيد ماجد بن سعيد بن سلطان. وأنجب منها عشرة أبناء: علي وماجد وسعود وتيمور وفيصل ومحمد ومعتوقة وبشان وبوران وحكيمة. وفي وصية السلطان حمود -التي تمك الاطلاع عليها- لم يذكر إلا خمسة منهم: علي، ومعتوقة وبوران، وبشان، وحكيمة. وتشير الوثائق إلى الابن الثاني ماجد بن حمود لوجود وديعة مالية باسمه مؤرخة في عام 1899م، حيث تُوفى ماجد في عام 1899م، أما بقية الأبناء الذكور: سعود وتيمور وفيصل ومحمد فيبدو أنهم تُوفوا صغاراً. زار السيد حمود قبل توليه الحكم عدد من البلدان، ففي عام 1889م سافر لأداء فريضة الحج ومكث في الديار المقدسة ثلاث سنين، يصفه المغيري بأنه: "كان في غاية الورع والزهد". كما سافر السيد حمود إلى الهند وعاد إلى زنجبار في عهد السلطان السيد برغش بن سعيد (1287-1305هـ/ 1870-1888م). وقوبل بالاحتفاء والتبجيل لوصوله زنجبار. كما زار السيد حمود لاموه وممباسا وبمبا (الجزيرة الخضراء)، كل تلك الزيارات كانت قبل توليه الحكم. تولى السيد حمود بن محمد عرش زنجبار في يوم 17 ربيع الأول 1314هـ/ 27 أغسطس 1896م. عندما تولى الحكم زار السلطان السيد حمود بن محمد عدد من المناطق التابعة لسلطتنه في زيارة عُرفت تاريخياً بزيارة السلطان المعظم حمود بن محمد بن سعيد بن سلطان بالأقطار الأفريقية الشرقية، وبدأت هذه الزيارة في 4 رجب 1317هـ/ 7 نوفمبر 1899م، وانتهت في 3 شعبان 1317هـ/ 6 ديسمبر 1899م، واستغرقت شهر تقريباً، زار خلالها السلطان حمود عدة مدن، منها: لامو، وسيوى، وممباسا، وبمبا (الجزيرة الخضراء). يقول المغيري واصفاً زيارة السلطان حمود للجزيرة الخضراء: "وإن هذا السلطان هو أول السلاطين البوسعيديين، من أولاد الإمام الذين زاروا الجزيرة الخضراء. ولماذا لم يلتفت أولئك السادة الماضون إلى زيارة الجزيرة الخضراء التي هي أجل محاصيل حكومتهم من مداخيلها". وتم توثيق تلك الزيارة بسيرة (أدب الرحلات) كتبها القاضي ناصر بن سالم بن عديم الرواحي البهلاني بعنوان: (اللوامع البرقية في رحلة مولانا السلطان المعظم حمود بن محمد بن سعيد بن سلطان بالأقطار الأفريقية الشرقية).تميّز السلطان السيد حمود بن محمد بقدرٍ كبيرٍ من الاستنارة، كما أنه كان أكثر تقبلاً للحياة العصرية؛ فهو كما يقول المغيري، أول من أكل على المائدة؛ كما اتخذ من بيت العجائب سكناً له. حقق السلطان السيد حمود مطالب الإنجليز بحظر الرق نهائياً في زنجبار، وعتق جميع الرقيق؛ مما دفع الحكومة البريطانية لتكريمه وتقليده وسام الفارس الكبير من الملكة فيكتوريا بتاريخ 20 أغسطس 1898م.قام السلطان السيد حمود بن محمد ببعض الإجراءات لإصلاح وتنظيم عمل المحاكم في زنجبار وبمبا (الجزيرة الخضراء)، وتضمن إنشاء: المحكمة العظمى لجلالة السلطان حمود في زنجبار، ومحكمة زنجبار ومحكمة بمبا، وتم نشر ذلك من خلال إعلان صادر من السلطان حمود إلى العموم يتضمن أربع وثلاثون بنداً ينظم العمل في سلك القضاء. وأبرز القضاة في عهده: القاضي سيف بن ناصر الخروصي، والقاضي ناصر بن سالم بن عديم الرواحي البهلاني، والقاضي علي بن محمد المنذري، والقاضي أحمد بن سميط، والقاضي برهان بن عبد العزيز الأموي.تُسجل الوثائق اهتمام السلطان السيد حمود بن محمد بالشؤون الثقافية، وهو يظهر من خلال اشتراكه السنوي في العديد من المجلات والجرائد، كما يتأتى من خلال دعمه للمثقفين من كتّاب وشعراء وأُدباء، وهو ما عبّر عنه هؤلاء المثقفين بقصائد المدح والثناء، والكتب المُهداة التي تم إرسالها للسلطان حمود بن محمد. استحدث السلطان السيد حمود بن محمد نيشاناً باسمه، أسماه: (النيشان الحمودي)، ويأتي برتب مختلفة، يصفه السلطان في إحدى الوثائق: "أكبر نياشيننا المرصع بجواهر الألماس والياقوت"، وقام بمنحه لعدد من الشخصيات، منها: الوزير الأعظم السير لويد وليم ماثيوس، ووالي ممباسا السيد سالم بن خلفان البوسعيدي وابنه علي بن سالم بن خلفان البوسعيدي، ووالي ماليندي السيد سعيد بن حمد البوسعيدي، والشيخ الحاج محمد بن يوسف اطفيش، والقنصل الفرنسي في زنجبار لوسين لابوس، والقنصل الألماني في زنجبار بارون فون ريختبرح، والقنصل النمساوي في زنجبار لاو توكر موتل، وغيرهم الكثير.تُوفى السلطان حمود بن محمد في 12 ربيع الآخر 1320هـ/ 20 يوليو 1902م، وبلغت فترة حكمه ست سنين وستة أشهر. وبعد وفاته تم استدعاء ابنه السيد علي- الذي كان متواجداً في إنجلترا- ووصل السيد علي إلى ميناء زنجبار بتاريخ 27 يوليو 1902م على متن سفينة فرنسية، واستقبله في القصر عمه السيد خالد بن محمد؛ لتهنئته بتسلم الحكم خلفاً لوالده السلطان حمود بن محمد.