مسابقة الدولة البوسعيدية

من مؤلفة كتاب: "مذكرات أميرة عربية"؟


Listen Later

سالمة أو سلمى أو إيميلي هي إحدى بنات السلطان السيد سعيد بن سلطان (1219-1273هـ/1804-1856م) سلطان عُمان وزنجبار وملحقاتها،كما كان يخاطب في المراسلات المتبادلة معه، واستمرت فترة حكمه حوالي نصف قرن من الزمان استطاع خلالها تأسيس إمبراطورية هي الأكبر لعُمان في التاريخ الحديث، حيث شملت إمبراطورتيه أراض في قارتي آسيا وأفريقيا، وأوجد علاقات دبلوماسية مع الكثير من دول العالم الفاعلة في ذلك الزمان. سطَّرت السيدة سالمة حروف اسمها على صفحات التاريخ للتجربة الإنسانية التي أرَّختها في مذكراتها وهي عبارة عن سيرة ذاتية كتبتها بنفسها نُشرت تحت عنوان: (مذكرات أميرة عربية)، وكتعليق عابر على العنوان فلقب أميرة لم يستخدم في تاريخ الأسر العُمانية الحاكمة عموماً، والألقاب التي عُرف بها الحاكم في أسرة البوسعيد هي: الإمام والسلطان والسيد، أما أفراد الأسرة من الرجال فيطلق عليهم لقب السيد، بينما النساء فحملن لقب سيدة.عاشت السيدة سالمة في قصر المتوني حتى وفاة أم السيد ماجد، ثم انتقلت إلى المدينة وعمرها سبع سنوات وعاشت في بيت الساحل، وفي بيت الساحل كانت السيدة سالمة على علاقة وطيدة وصداقة قوية بأختها الأكبر السيدة خولة وكانت أكبر المؤثرين على السيدة سالمة لتكون في صف السيد برغش بالرغم من العلاقة القوية التي كانت تربطها بأخيها السلطان ماجد. ثم انتقلت السيدة سالمة لبيت واتورو وهو بيت أخيها السيد ماجد وعاشت فيه حتى وفاة أبيها السلطان سعيد، وتولي أخيها السلطان ماجد الحكم. حيث عادت إلى بيت الساحل لتعيش مع أختها خولة.يذكر الفارسي: "عاشت السيدة سلمى وحيدة مع أن عمرها لم يكن يزيد على ستة عشر عاماً، ولم يكن لها بين أهلها من يرعاها أو يمارس رقابة عليها، أو يبدي توجيها تصحح به ما قد يقع في حياتها من أخطاء. واستمرت على هذا الحال بضع سنوات حتى وقعت لها حوادث غير مرغوبة لها، وقد دفعتها هذه الأحداث إلى الرحيل عن زنجبار في عجلة من الأمر". ونضيف إلى ما قاله الفارسي أن السيدة سالمة فقدت والدها وهي في عمر الثانية عشر، وفقدت والدتها وهي في عمر السادسة عشر. من الأحداث المهمة والمفصلية في حياة السيدة سالمة اشتراكها في المحاولة الانقلابية التي دبرها السيد برغش على أخيهما السلطان ماجد في في عام 1859م، وبعد انكشاف حيثيات الانقلاب/الثورة على الحكم، تحصّن السيد برغش في مزرعة (شانبة) مرسيليا فما كان من السلطان ماجد إلا مهاجمة المكان في 14 أكتوبر 1859م واخماد الثورة. وعلى إثر تلك الحادثة تم نفي السيد برغش إلى الهند بعد كتابة تعهد بعدم إحداث ثورة أو فتنة ضد أخيه السلطان ماجد.   وكانت أخته السيدة خولة من أشد المناصرين له في هذه الثورة بالإضافة لأخيه السيد عبد العزيز الذي تولت تربيته خولة لذلك وقف إلى جانبها في معارضة حكم السلطان ماجد، كما وقف مع السيد برغش من أخواته السيدة مثلى وكانت من المؤيدين له. كما كان للسيدة سالمة موقفاً مؤيداً للسيد برغش وذلك بسبب تأثير أختها خولة، ويذكر الفارسي: "ولم تكن هذه المعركة لتقع لولا مساعدة هاتين الأختين السيدتين خولة وسالمة".مع السيدة سالمة سنكون بصحبة ثلاثة إصدارات: الجزء الأول: مذكرات أميرة عربية، والجزء الثاني: رسائل إلى الوطن، والجزء الثالث: مذكرات أميرة عربية (تكملة المذكرات). فكتابات السيدة سالمة لم تقتصر على مذكراتها الشهيرة المنشورة بعنوان: (مذكرات أميرة عربية)، فقد وجد أبناؤها الثلاثة (روزالي وأنطوني وسعيد) في تركتها بعد وفاتها سنة 1924م ثلاثة نصوص أخرى غير المذكرات التي نشرت في عام 1866م بعنوان: "مذكرات أميرة عربية"، يتضمن النص الأول مذكرات حياة السيدة سالمة في ألمانيا منذ انطلاق رحلتها من عدن إلى ألمانيا في يونيو 1867م وحتى منتصف ثمانينات القرن التاسع عشر وهو بعنوان(رسائل إلى الوطن)، والنص الثاني يتضمن تكملة لمذكراتها بعنوان: (تكملة مذكّراتي)، أما النص الثالث بعنوان: (أعراف وعادات سورية). وتعرف هذه النصوص الثلاثة في ألمانيا بـــــ (التركة الأدبية لإميلي رويته) وتأخر نشر النصوص الثلاثة حتى عام 1993م؛ بسبب الخلاف بين أبناء السيدة سالمة حول موضوع النشر.قدمت السيدة سالمة تجربتها الإنسانية من خلال كتابة مذكراتها التي نشرت للمرة الأولى في عام 1886م، وتم نشر لاحقاً باقي مذكراتها في اصدارين منفصلين. وقد نالت مذكرات السيدة سالمة شهرة واسعة وأوضح دليل على ذلك هو إعادة طباعتها في السنة التي صدرت فيها أربع مرات. وتتأتى أهمية تلك المذكرات من خلال أمرين أشار لهما المترجم زاهر الهنائي وهما: الحديث عن الشرق وعلى الخصوص الحديث عن نساء الشرق، والأهمية الأخرى أنها من أوائل المحاولات في كتابة سيرة ذاتية للمرأة العربية.

 

وبالعودة إلى مذكرات السيدة سالمة، فهي حافلة بالكثير من المعلومات التاريخية وليس من المبالغة القول بأن مذكراتها ما هي إلا تاريخ كُتب من شاهد عيان لفترة تاريخية مهمة من تاريخ عُمان وزنجبار وملحقاتها، فتذكر المترجمة د. سالمة صالح في مقدمتها: "... نتعرف فيها من خلال مذكراتها على امرأة ذكية وطموح لم تكتف بدور المرأة والأم وحسب وإنما حاولت أن تقتحم عالم السياسة والدبلوماسية وشغلتها شؤون ومشكلات وطنها زنجبار رغم إقامتها في ألمانيا".وتوضح السيدة سالمة في مقدمة مذكراتها المكتوبة في مايو 1886م، الهدف الرئيس من كتابة مذكراتها فهي كانت بمثابة وصية لأطفالها للتعرف على والدتهم وأصولها؛ لأنها اعتقدت أنها ستموت قبل أن يكبروا وتقص عليهم ما كتبت لهم، فتقول السيدة سالمة: "لم أكتب مذكراتي للنشر وإنما لأطفالي الذين أردت أن أترك لهم كوصية حبا أموميا صادقا. ولكنني قررت بعد أن حاول أكثر من شخص إقناعي أن أنشرها أخيرا". وبدأت السيدة سالمة كتابة المذكرات في عام 1875م ولم تضف لها سوى المقطع الأخير (العودة إلى الوطن ثانية بعد تسعة عشر عاما) بعد زيارتها لزنجبار في عام 1888م في عهد أخيها السلطان خليفة بن سعيد (1305-1307هـ/ 1888-1890م). ومن المهم الإشارة إلى أن السيدة سالمة كان لها رحلتا عودة إلى زنجبار وكان الهدف منهما الحصول على نصيبها من تركة والدها ونصيبها من تركة كل من مات من أسرتها. فالعودة الأولى كانت في عام 1885م في عهد أخيها السلطان برغش (1287-1305هـ/ 1870-1888م)، أما العودة الثانية كانت في عام 1888م في عهد أخيها السلطان خليفة (1305-1307هـ/ 1888-1890م). وقد تم نشر المذكرات في عام 1886م –كما سبق الإشارة إلى ذلك-.استطاعت السيدة سالمة في مذكراتها التأريخ لجوانب مختلفة من تاريخ الأسرة البوسعيدية وتقديم تجربتها ليس فقط الإنسانية وإنما كذلك علاقتها بالقوى الاستعمارية الألمان والإنجليز من خلال سعيها للحصول على حصتها من ميراث والدها ومن توفى من أهلها في زنجبار والتي من خلالها أماطت اللثام عن جوانب دقيقة من أطماع القوى الاستعمارية في تلك الفترة الزمنية. ومن الضروري الإشارة إلى أن أهم مصدرين تناولا تاريخ الأسرة البوسعيدية في زنجبار تحديداً هما: جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار لسعيد بن علي المغيري (ت: 1381هـ/ 1962م)، والبوسعيديون حكام زنجبار لعبد الله بن صالح الفارسي (ت: 1402هـ/ 1982م). وأغلب المعلومات التاريخية التي جاءت فيهما عن السيد سعيد وأسرته عموماً- مستقاة من كتاب السيدة سالمة: (مذكرات أميرة عربية). ويصرح الفارسي بذلك فيقول: "وهذا الكتاب -يقصد مذكرات السيدة سالمة- هو الكتاب الذي استخلصت منه الكثير مما ذكرته آنفاً عن أطفال السيد سعيد".
...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

مسابقة الدولة البوسعيديةBy إذاعة الوصال


More shows like مسابقة الدولة البوسعيدية

View all
صفر إثنين by Zero Two

صفر إثنين

0 Listeners