كانت اللحظة التي شعرت فيها أن حقبتي في ميلان قد انتهت بدايةً. كنت بحاجة للبحث عن شيء آخر، عن حافز جديد، لأن الجدار الذي كان يحميني قد تحطم. قيل لي إن المدرب أليغري يراني سألعب في مكان آخر بالوسط، ليس أمـام الدفـاع حيث أشعر أنني أقدم أفضل ما لديّ. شعرت بأن الجمهور أصابه الملل مني، وأنهم لم يعودوا ينـدهشون من لعبي. كانت كلمات صعبة القبول، لكنني قررت البحث عن حوافز جديدة. تحدثت مع صديقي المقرب نيستا، وكان أول من يعلم برغبتي في الرحيل بعد عائلتي. كانت أسابيع صعبة، والعد التنازلي لرحيلي قد بدأ. تركت شيئاً خلفي، سواء كان كثيراً أو قليلاً، من مكان أعرف فيه كل شيء.
منذ طفولتي، حاربت ضد مفاهيم تدور حولي بأنني فريد ومميز. كان الجميع يتحدث عني لدرجة أن والدي كان يهرب من المدرجات كي لا يسمع تعليقات الآباء الآخرين الحسودة. في إحدى مباريات الناشئين ببريشيا، شعرت بتمرد ضدي، زملائي في الفريق تجاهلوني ببساطة لأنني كنت أفضل منهم. بكيت وسط الملعب من الإحباط واليأس، أدركت أن حقيقة كوني مختلفاً أزعجت الكثيرين. كان لدي خياران: إما أن أغضب وأترك الكرة، أو أغضب وأستمر في اللعب بطريقتي الخاصة. اخترت الثاني لأنه بدا أكثر ذكاءً وتأثيراً. انطلقت لأخذ الكرة بنفسي، ألعب لوحدي ضد الجميع، أراوغ وأمرر وأسجل، كنت أتعامل مع الأمر بغريزتي. أصبحت مجبراً من ذلك الوقت أن أثبت شيئاً في كل مرة ألعب فيها، أن ألعب بمعايير عالية.
في صيف 2006، بعد الفوز بكأس العالم، ضربتنا فضيحة الكالتشيو بولي. كان مستقبل ميلان غير مؤكد، لكن شيئاً واحداً كنت متأكداً منه: لم يكن بإمكاني أبداً أن ألعب في السيريا بي. بعد أيام قليلة من الإجازة، تلقيت اتصالاً من فابيو كابيلو، مدرب ريال مدريد. عرض عليّ اللعب في الوسط مع إيمرسون. لم يستغرق إقناعي وقتاً طويلاً، وفكرت في قميص ريال مدريد والبرنابيو. رغبت في الرحيل إلى ريال مدريد، لكن ميلان رفض أن يتخلى عني. في نهاية الموسم، فزت بدوري الأبطال مع ميلان، وهذا واساني.
في وقت لاحق، التقيت ببيب غوارديولا، الذي دعاني إلى مكتبه في برشلونة. تحدث بيب عن برشلونة كعالم ومـاكينة مثالية، وعرض عليّ الانضمام إليهم. أردت أن أعيش تجربة مختلفة مع نادي عظيم. كانت مجرد كلمات ومحادثات، فميلان اعتبرني لا أزال قادراً على الركض والتضحية واحتفظ بي. كنت سأكون محظوظاً لو دربني غوارديولا، فهو يجعل كل شيء كبيراً ويقود من حوله إلى مستويات أعلى.
بالنسبة لي، الضغط الذهني أرهقني أكثر من الركض. أتذكر لحظة خاصة جداً في نهائي كأس العالم 2006. بعد نهاية الوقت الإضافي، جاء مارشيلو ليبي وهمس في أذني: "أنت ستبدأ". كانت كلماته مؤثرة، تعني أنني الأفضل، لكن إذا أضعت ضربة الجزاء، سأكون المذنب الأول. كانت هناك فوضى في مخيلتي، لكني حدقت في العشب، أخذت نفساً عميقاً، وشعرت بشعور لا يصدق. سجلت ضربة الجزاء، حتى لو لم أنجح، ذلك الدرس سيبقى.
المنتخب الوطني له مكانة خاصة. بدأت مع المنتخب في عمر 15 عاماً. مررت بكل الفئات السنية، شعرت بأنني لاعب للجميع. كانت هناك مواقف طريفة، مثل مرة تهنا أنا ونيستا. أتذكر أيضاً مواقف مع زملائي مثل جاتوزو ودي روسي. جاتوزو، الرجل الذي ربما يشـيخ بدنياً لكن شخصيته تحسب لها حساب. كنا نقوم بمقالب عليه، مثل غسله بطفـاية حريق. إنه شخص متطرف في طبعه، ولكنه طيب حتى في أوج جنونه. دي روسي أيضاً مر بمواقف صعبة مع رسائل تهديد، لكنه عاد وسدد إحدى ضربات الجزاء في النهائي.
قررت الانتقال إلى يوفنتوس. المدرب كونتي كان شيطاناً حقيقياً في تحفيزه وتكتيكه. كلماته كانت تطرق أبواباً في داخلي بعنف. كان يدفعنا للفوز دائماً، نلعب بدون خصم في التدريبات لنصل إلى الإتقان. في غرفة الملابس، كان كونتي يرمي الأشياء حتى لو كنا فائزين، كان عنيفاً جداً. الرئيس أندريا أنييلي كان أيضاً شخصية مهمة، كانت لديه طريقة خاصة في التعامل والتحفيز. أحببنا بعضنا البعض من الدقيقة الأولى. بعد فوزنا بأول سكوديتو، احتفل معنا ورقص، وقال لنا إن الفوز في إيطاليا لم يعد يكفي.
واجهت رقابة لصيقة من الخصوم، خاصة لاعبي الوسط الارتكاز الذين أصبح هدف المدربين. كان الأمر أشبه بالمصارعة، أحاول التخلص من رقابتهم وأبحث عن مساحة في الملعب.
بالنسبة للكرات الثابتة، كانت متعتي الكبرى. هدفي كان أن أكون الأكثر تسجيلاً من كرات ثابتة في تاريخ السيريا أ. كنت أتمرن عليها منذ الطفولة. عندما تخرج التسديدة بالطريقة التي أريدها، لا يوجد حائط صد يوقفها.
جانب لا أحبه في عملي هو الإحماء قبل المباريات. أكرهه من أعماقي، أراه 15 دقيقة ضائعة. أنفذ الإحماء بهدوء، تقريباً أتمشى، كتعبير عن المعارضة.
أحد الأمور السيئة في كرة القدم الإيطالية هو العنف والكراهية في الملاعب. تجارب مثل رمي الحجارة والبيض على حافلة الفريق في نابولي تجعلك تخشى على نهايتك. العنصرية أيضاً مشكلة كبيرة، خاصة ما يواجهه بالوتيلي. إنه رمز لمكافحة العنصرية.
فكرة استخدام التكنولوجيا في كرة القدم يجب أن تتم. الحكام ليسوا روبوتات ويرتكبون الأخطاء. رفض إدخال التكنولوجيا يأتي من عقلية قديمة لم تعد نافعة.
في النهاية، أنظر إلى نفسي في المرآة، أرى رجلاً بملامح عادية، لكن وسط كل ذلك، أرى صورة رجل سعيد وفخور بكل ثانية مرت في حياته. تلقيت عرضاً كبيراً للعب في قطر. كان المبلغ كبيراً، لكنني شعرت أن الوقت مبكر جداً وأن القدوم إلى قطر سينهي مسيرتي. قررت البقاء لأنني أعتقد أنه لا يزال بإمكاني تقديم الكثير في أوروبا. الرقم 21، رقم قميصي المفضل، يحمل حظاً بالنسبة لي.