
Sign up to save your podcasts
Or
بالنِّسبة لمُنكر وجود الله، كلُّ القيم الأخلاقيَّة الَّتي يُحسُّ بها الإنسان الأصل فيها أن تكون مثل هذه الخربشات لا قيمة لها ولا معنًى لها فلا يَتصرَّف على أساسها فقد جاءت بها حسب معتقده العشوائيَّة الَّتي لا تدري ما تفعله ولا تعِد بشيءٍ، ولا تلتزم بشيءٍ في الإلحاد الَّذي يفسِّر الكون ووجودَه، تفسيرًا ماديًّا بحتًا لا مكان للقيم المعنويَّة أصلًا لا حقٌّ ولا باطل، لا خير ولا شرٌّ فهذه قيمٌ معنويَّة لا تُفسِّرها المادَّة وعندما يكون الإنسان ابن المادَّة لا شيء إلَّا المادَّة، فلا معنًى للرَّحمة ولا للصِّدق ولا للوفاء ولا لبرِّ الوالدين الإحساس بهذا كلِّه، إنمَّا هو نتيجة طَفَراتٍ جينيَّةٍ عشوائيَّةٍ، كخربشات الجهاز الخلويِّ.
في الإسلام، يوجد خالقٌ كامل الصِّفات أمر عباده بأخلاقٍ تنسجم مع صفاته فهذا الخالق عدلٌ، حرَّم الظُّلم على نفسه فمفهومٌ أن يُحرِّمه على عباده فقال:«يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسيِ وجعلتُهُ بينَكُمُ محرمًا فلا تَظَالموا»(صحيح مسلم) رحيمٌ وأمرَ عباده أن يتراحموا وقد فطر الخالقُ الإنسان على محبَّة هذه القيم، وكراهية ما يُضادُّها: كالشَّرَّ والظُّلم
عندما يُنكر الإنسان وجود الله تعالى فإنَّه يدخل في مسلسل التَّخبُّط الإلحاديِّ البائس كالَّذي رأيناهُ في الحلقة الماضية عن البدهيَّات العقليَّة لدى الملحد، لا خالقٌ ولا صفات كمالٍ، ليس إلَّا طبيعةٌ أوجدت الإنسان وهذه الطَّبيعة مادِّيَّة، ليس لها صفات كمالٍ معنويَّة فلا يمكن وصفها بالعدل أو الحكمة مثلًا وبالتَّالي، فلا مكان للقيم المعنويَّة في إنسانٍ مُتولِّدٍ عن هذه الطَّبيعة.
لكن ماذا عن شعور الإنسان بمحبَّة الخير وكراهية الشَّرَّ؟ هي حسب الإلحاد طفراتٌ جينيةٌ عشوائيَّةٌ جعلته يتوهَّم أنَّ هناك خيرًا، ويحبُّ ذلك الخير الوهميَّ وأنَّ هناك شرًّا، ويكره ذلك الشَّرَّ الوهميَّ.
قيل لأحد كِبار الملحدين ريتشارد دوكنز "Richard Dawkins" في النِّهاية، هل اعتقادك أنَّ الاغتصاب خطأ، أمرٌ اعتباطيٌّ تمامًا؟ كواقع أنَّنا تطوَّرنا بخمسة أصابع بدل ستَّة؟ فقال دوكنز: نعم، تستطيعُ قول ذلك.
أيْ كان يمكن للصُّدفة العمياء الَّتي يدَّعونها أن تَسير مسارًا آخر، يَنتجُ عنه شعور الإنسان أن لا خطأ في الاغتصاب والأمر اعتباطيٌّ تمامًا فلا يمكن وصفُ أيٍّ من الشُّعورَيْن بأنَّ الاغتصاب خطأ أو مقبول لا يمكن وصفه بأنَّه حقٌّ أو باطل، فهذا الشُّعور إنَّما هو وليد الصُّدفة العشوائيَّة.
إذن فالنَّزعة الأخلاقيَّة عند مُنكر وجود الله لا يُعرَف مصدرُها، ولا يمكن وصفها بحقٍّ أو باطل، ولا هي متوافقةٌ مع صفات موجودٍ أعلى، ولا حسابَ أُخرَويَّ عليها، فهي ليست مُطلقةً إذن، أي لا يمكن وصف أيِّ خُلقٍ بأنه ممدوحٌ بإطلاق أو مذمومٌ بإطلاق.
يَنتُج عن الإلحاد: أنَّ الطَّفَرات الجينيَّة العشوائيَّة قد تُنتج أُناسًا مختلفين جينيًّا وبالتَّالي، فمشاعرهم مختلفةٌ جدًّا تجاه
سلوكٍ واحد: كالاغتصاب أو التَّعذيب والسَّببُ: مادِّيٌّ بحت ولا يمكن وصف أيٍّ من مواقفهم بأنَّه حقٌّ أو باطل وبالتَّالي، فلا يمكن تجريمُ أو تخطئة إنسانٍ، مهما كان فعله لا أخلاقيًّا لأنَّ بإمكانه أن يقول: هو لا أخلاقيٌّ بالنِّسبة لك لكنَّه أخلاقيٌّ بالنِّسبة لي.
هناك أناسٌ في مجتمعاتنا المسلمة يستخدمون في مجال الأخلاق عباراتٍ نسبيَّة، وأنَّه لا مكان للحقيقة المُطلقة ويظنُّون أنَّه حتَّى النُّصوص الشَّرعيَّة الواضحة في مجال الأخلاق والقيم كلُّها محلُّ خلافٍ وليس فيها قطعيَّاتٍ. قد يكون من هؤلاء من يشمئزُّ من مقولات الملحدين الَّتي ذكرناها لكنَّه لا يُلاحظ أنَّها النَّتيجة الطَّبيعيَّة لفكرة النِّسبيَّة الأخلاقيَّة الَّتي يتكلَّم بها. إن لم تكن القيم مستندةً إلى نور الوحي، فالضَّياع! ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾ [النّور:40]
Hosted on Acast. See acast.com/privacy for more information.
بالنِّسبة لمُنكر وجود الله، كلُّ القيم الأخلاقيَّة الَّتي يُحسُّ بها الإنسان الأصل فيها أن تكون مثل هذه الخربشات لا قيمة لها ولا معنًى لها فلا يَتصرَّف على أساسها فقد جاءت بها حسب معتقده العشوائيَّة الَّتي لا تدري ما تفعله ولا تعِد بشيءٍ، ولا تلتزم بشيءٍ في الإلحاد الَّذي يفسِّر الكون ووجودَه، تفسيرًا ماديًّا بحتًا لا مكان للقيم المعنويَّة أصلًا لا حقٌّ ولا باطل، لا خير ولا شرٌّ فهذه قيمٌ معنويَّة لا تُفسِّرها المادَّة وعندما يكون الإنسان ابن المادَّة لا شيء إلَّا المادَّة، فلا معنًى للرَّحمة ولا للصِّدق ولا للوفاء ولا لبرِّ الوالدين الإحساس بهذا كلِّه، إنمَّا هو نتيجة طَفَراتٍ جينيَّةٍ عشوائيَّةٍ، كخربشات الجهاز الخلويِّ.
في الإسلام، يوجد خالقٌ كامل الصِّفات أمر عباده بأخلاقٍ تنسجم مع صفاته فهذا الخالق عدلٌ، حرَّم الظُّلم على نفسه فمفهومٌ أن يُحرِّمه على عباده فقال:«يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسيِ وجعلتُهُ بينَكُمُ محرمًا فلا تَظَالموا»(صحيح مسلم) رحيمٌ وأمرَ عباده أن يتراحموا وقد فطر الخالقُ الإنسان على محبَّة هذه القيم، وكراهية ما يُضادُّها: كالشَّرَّ والظُّلم
عندما يُنكر الإنسان وجود الله تعالى فإنَّه يدخل في مسلسل التَّخبُّط الإلحاديِّ البائس كالَّذي رأيناهُ في الحلقة الماضية عن البدهيَّات العقليَّة لدى الملحد، لا خالقٌ ولا صفات كمالٍ، ليس إلَّا طبيعةٌ أوجدت الإنسان وهذه الطَّبيعة مادِّيَّة، ليس لها صفات كمالٍ معنويَّة فلا يمكن وصفها بالعدل أو الحكمة مثلًا وبالتَّالي، فلا مكان للقيم المعنويَّة في إنسانٍ مُتولِّدٍ عن هذه الطَّبيعة.
لكن ماذا عن شعور الإنسان بمحبَّة الخير وكراهية الشَّرَّ؟ هي حسب الإلحاد طفراتٌ جينيةٌ عشوائيَّةٌ جعلته يتوهَّم أنَّ هناك خيرًا، ويحبُّ ذلك الخير الوهميَّ وأنَّ هناك شرًّا، ويكره ذلك الشَّرَّ الوهميَّ.
قيل لأحد كِبار الملحدين ريتشارد دوكنز "Richard Dawkins" في النِّهاية، هل اعتقادك أنَّ الاغتصاب خطأ، أمرٌ اعتباطيٌّ تمامًا؟ كواقع أنَّنا تطوَّرنا بخمسة أصابع بدل ستَّة؟ فقال دوكنز: نعم، تستطيعُ قول ذلك.
أيْ كان يمكن للصُّدفة العمياء الَّتي يدَّعونها أن تَسير مسارًا آخر، يَنتجُ عنه شعور الإنسان أن لا خطأ في الاغتصاب والأمر اعتباطيٌّ تمامًا فلا يمكن وصفُ أيٍّ من الشُّعورَيْن بأنَّ الاغتصاب خطأ أو مقبول لا يمكن وصفه بأنَّه حقٌّ أو باطل، فهذا الشُّعور إنَّما هو وليد الصُّدفة العشوائيَّة.
إذن فالنَّزعة الأخلاقيَّة عند مُنكر وجود الله لا يُعرَف مصدرُها، ولا يمكن وصفها بحقٍّ أو باطل، ولا هي متوافقةٌ مع صفات موجودٍ أعلى، ولا حسابَ أُخرَويَّ عليها، فهي ليست مُطلقةً إذن، أي لا يمكن وصف أيِّ خُلقٍ بأنه ممدوحٌ بإطلاق أو مذمومٌ بإطلاق.
يَنتُج عن الإلحاد: أنَّ الطَّفَرات الجينيَّة العشوائيَّة قد تُنتج أُناسًا مختلفين جينيًّا وبالتَّالي، فمشاعرهم مختلفةٌ جدًّا تجاه
سلوكٍ واحد: كالاغتصاب أو التَّعذيب والسَّببُ: مادِّيٌّ بحت ولا يمكن وصف أيٍّ من مواقفهم بأنَّه حقٌّ أو باطل وبالتَّالي، فلا يمكن تجريمُ أو تخطئة إنسانٍ، مهما كان فعله لا أخلاقيًّا لأنَّ بإمكانه أن يقول: هو لا أخلاقيٌّ بالنِّسبة لك لكنَّه أخلاقيٌّ بالنِّسبة لي.
هناك أناسٌ في مجتمعاتنا المسلمة يستخدمون في مجال الأخلاق عباراتٍ نسبيَّة، وأنَّه لا مكان للحقيقة المُطلقة ويظنُّون أنَّه حتَّى النُّصوص الشَّرعيَّة الواضحة في مجال الأخلاق والقيم كلُّها محلُّ خلافٍ وليس فيها قطعيَّاتٍ. قد يكون من هؤلاء من يشمئزُّ من مقولات الملحدين الَّتي ذكرناها لكنَّه لا يُلاحظ أنَّها النَّتيجة الطَّبيعيَّة لفكرة النِّسبيَّة الأخلاقيَّة الَّتي يتكلَّم بها. إن لم تكن القيم مستندةً إلى نور الوحي، فالضَّياع! ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾ [النّور:40]
Hosted on Acast. See acast.com/privacy for more information.