جيمس ريموند ولستد ( 1805-1843م)، رحَّالة وجغرافي وعسكري بريطاني، وُلد في عام ١٨٠٥م وتوفي عام ١٨٤٣م. عمل لدى حكومة الهند، وزار مسقط عدة مرات أثناء مشاركته في المسح الجغرافي الذي قامت به سفن شركة الهند الشرقية البريطانية في سواحل الخليج العربي، حيث قامت بمسح السواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية حتى رأس الحد، ولكن البحوث المسحية لم تشبع نهمه، فسعى إلى اكتشاف ما بداخل شبه الجزيرة العربية، لذلك قام برحلة إلى عُمان في الفترة: 1835ـ 1836م، ورافقه في هذه الرحلة زميله وايتلوك، بدأ رحلته من ميناء مسقط في 25 نوفمبر 1835م، في عهد السيد سعيد بن سلطان الذي قدم له التسهيلات اللازمة لرحلته ووفر له الإبل والأدلاء ورسائل توصية إلى وجهاء وشيوخ القبائل في المناطق التي توجه إليها. زار ولستد خلال رحلته تلك الكثير من المدن والمراكز الحضرية العُمانية مثل: قلهات وصور وجعلان بني بوعلي وجعلان بني بوحسن والكامل وبدية وإبراء وسمد الشأن ومنح ونزوى والجبل الأخضر وبركاء والمصنعة والسويق وعبري والبريمي وصحار وإمارات ساحل عُمان. وثق ولستد لقاءات شخصية بعدد من الشخصيات المهمة، مثل: السلطان سعيد بن سلطان، والسيد هلال بن محمد البوسعيدي، والسيدة عائشة بنت سلطان البوسعيدية. وتطرق إلى العديد من القضايا والموضوعات المتعلقة بحياة العُمانيين، كما كتب انطباعاته عمّا شاهده أو تعرض له من مواقف متباينة خلال جولاته تلك، وتعد رحلة وليستد مهمة كونها من أوائل الرحلات التي توغلت في الداخل العُماني، ولم يتم لأي أوروبي بعد ولستد زيارة الأماكن التي زارها إلا في عام 1876م عن طريق مايلز الذي وثق رحلته في كتابه: "الخليج: بلدانه وقبائله". يقول جيمس ريموند ولستد إنه وضع في كتابه: "رحلات في شبه الجزيرة العربية" بجزئيه، أبحاثاً عن أرجاء واسعة من شبه الجزيرة العربية يفتقر إليها الأوروبيون من رجال عصره، برغم حيويتها لأهدافهم. وعبّر ولستد عن أمله بأن يثير كتابه اهتمام الفلاسفة والمشتغلين بعلوم البيئة والجغرافيا والعلوم الإنسانية الأخرى. والجزء المتعلق بعُمان عنوانه: "تاريخ عُمان: رحلة في شبه الجزيرة العربية"، وبعض الطبعات جمعت الجزئين بعنوان: "رحلات في الجزيرة العربية: عُمان ونقب الهجر". ونقتبس بعض ما جاء في كتابه عن عُمان وبعض الشخصيات التي التقى بها: - أشار ولستد إلى مكانة مسقط الكبيرة بقوله: "لمسقط مكانة عظيمة بين المدن الشرقية، ليس لكونها مخزنا كبيرا للمتاجر الكبيرة بين شبه الجزيرة العربية والهند وفارس فحسب؛ ولكن لكونها أيضا ميناء عُمان وسوقها الذي تفد إليه الواردات الشاملة، ونستطيع أن نقدر إجمالي عدد سكان مسقط بستين ألف شخص تقريباً". - سجَّل ولستد انطباعه بعد لقائه شخصياً بالسيدة عائشة أثناء مروره بالسويق كمحطة من محطات رحلته لعُمان فيقول: "زوجته –يعني زوجة السيد هلال بن محمد- استقبلتنا استقبالاً جيداً، وأكرمت ضيافتنا، وقد لاحظت أن أوامرها مطاعة، وكأنها تحل محل السيد، فأمرت خادميها بإكرامنا وقالت: اسهروا على راحة السادة ولا تتركوهم في حاجة لأي شيء وإلا قطعت أعناقكم. وقد تناولنا أفضل الخيرات من مطبخ السيد". - خرج ولستد بانطباع أن أهم ما تمتاز به حكومة السيد سعيد بن سلطان هو: "أنها لا تلجأ في تعاملها مع مواطنيها إلى التعسف، وعُرْفها في القانون هو التسامح الذي به تسوّى حقوق جميع الأطراف، ويولي السيّد كل اهتمامه لما يحقق رفاهية الرعية، الأمر الذي جعل سكان هذه المدينة (مسقط) يوقّرونه ويكنّون له الإعجاب، أما أهل البادية فيقدرون له تسامحه، ويحترمون فيه صفة الشجاعة، ويولي السيد سعيد تجار كل الأمم الذين يفدون إلى بلاده للإقامة في مسقط كل رعاية وعناية، ويمتد تسامحه ليشمل كافة الأجانب المقيمين لديه من دون تمييز".