حكايات من الكتب

رجال من التاريخ - الجزء الثاني


Listen Later

كان هناك كتابٌ قيّمٌ يحملُ عنوان "رجال من التاريخ - الجزء الثاني"، أراد مؤلفه، شيخنا الأستاذ عبد العزيز بن محمد السدحان، أن يكون منارًا يهدي الأجيال. لقد جمعَ فيه قصصًا لعظماءَ من رجالات العلم والدين، مستخلصًا إياها من خطب ومحاضرات ودروس، ليروي لنا حكاياتٍ ملهمةً عن فضائلهم وتضحياتهم وحكمتهم. كان الهدفُ من هذا الكتاب أن يكون سهلَ الفهمِ، ومفيدًا للجميع، وخاصةً للشباب. في رحابِ هذا السفرِ المبارك، التقينا بصفحاتٍ مشرقةٍ من حياةِ ستةٍ من الشيوخِ الأجلاء: الفصل الأول: زاهدُ العصر تبدأ القصةُ بذكرِ شيخنا الأستاذ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الذي اشتهرَ بزهدهِ العظيم وإعراضه عن مباهج الدنيا. كان الناسُ يحبونه لحبهم لعلمهِ الغزيرِ وأخلاقهِ الفاضلةِ، التي كانت تدفعهم للالتفافِ حوله. كان يومهُ يبدأُ بالتبكيرِ إلى المسجدِ، حيثُ يقرأُ القرآنَ حتى صلاةِ الفجرِ، ثم يستمرُ في قراءتهِ حتى شروقِ الشمس. بعدَ ذلك، يعودُ إلى منزلهِ ليجدَ الناسَ في انتظارهِ؛ فهو لا يغلقُ بابهُ في وجهِ أحدٍ. كانت سجيتهُ الجودَ والكرمَ، فكلما وصلهُ مالٌ، بادرَ بتوزيعهِ على الفقراءِ والمحتاجين، وقلما يتركُ شيئًا منه إلى الليل، خوفًا من أن يفسدَ قلبهُ. كان يرى العالمَ الغنيَ فتنةً لنفسهِ وللناسِ، ولذا عاشَ حياةً بسيطةً، مقتنعًا بالقليلِ. الفصل الثاني: القاضي المتواضع ثم تُقلبُ الصفحاتُ لنتعرفَ على شيخٍ آخرَ هو شيخنا الأستاذ عبد الله بن حميد، الذي كانَ عالمًا جليلاً وقاضيًا بارعًا، حتى ترأسَ مجلسَ القضاءِ الأعلى. كانَ أيضًا مدرسًا في معاهدِ الرياضِ العلميةِ وكليةِ الشريعةِ. لكنَ ما يميزهُ حقًا كان تواضعهُ الجمّ، بالرغمِ من علوِ مكانتهِ وعلمهِ. كان يمشي إلى المسجدِ، حتى وهو كبيرٌ في السنِ ويعاني من المرضِ، رافضًا الركوبَ، ويحملُ كتبهَ بيدهِ. كان يجلسُ مع عامةِ الناسِ ويتبادلُ معهم الأحاديث. بابهُ كان مفتوحًا دائمًا للزوارِ، يقدمُ النصحَ ويجيبُ على الأسئلةِ دونَ تضجرٍ. كان جوادًا يحبُ الفقراءَ والمساكين، ويأكلُ الطعامَ البسيطَ ويشاركهُ مع كلِ من حضر. لم يكن يعبأُ بالملابسِ الفاخرةِ، بل كان يرتدي البسيطَ والنظيفَ. وحينَ لا يعلمُ أمرًا، كان يقولُ: "لا أعلمُ" بكلِ تواضعٍ، موجهًا الناسَ إلى من هو أعلم. كان شجاعًا في قولِ الحقِ، حتى أمامَ الحكامِ، وحريصًا على طلابهِ، يرعاهم ماديًا ومعنويًا. وقد كان مجتهدًا في طلبِ العلمِ وتعليمهِ، وعاشقًا للقراءةِ واقتناءِ الكتبِ. الفصل الثالث: المفتي الذي لا يكل بعدَ ذلكَ، تلتقي القصةُ بشيخنا الأستاذ عبد العزيز بن باز، الذي كانَ منارةً للعلمِ والفقهِ، متبحرًا في العلومِ الإسلاميةِ كالفقهِ والحديثِ والتفسيرِ واللغةِ العربيةِ. كان مفتيَ الأمةِ، تتوافدُ عليهِ الأسئلةُ من كلِ حدبٍ وصوبٍ، يجيبُ عليها بدقةٍ بالغةٍ وبالأدلةِ من الكتابِ والسنةِ. كانَ لا يعرفُ الكللَ في خدمةِ الأمةِ، فقضايا المسلمينَ كانت شغلهُ الشاغلَ. كانَ متواضعًا يجلسُ على الأرضِ، يستقبلُ الناسَ بلا تكلفٍ. جودهُ وسخاؤه كانا مضربَ المثلِ، ينفقُ من مالهِ الخاصِ على الفقراءِ والأيتامِ سرًا. تميزَ بصبرهِ وطيبِ خلقهِ، لا يغضبُ ويصغي للجميعِ بإمعانٍ. كان يمتلكُ ذاكرةً قويةً، وشجاعةً في قولِ الحقِ دونَ خوفٍ من لومِ اللائمين. بالرغمِ من كونهِ كفيفًا، إلا أنهُ كان محبًا للقراءةِ والكتابةِ ومهتمًا بالدعوةِ إلى اللهِ، مع حرصهِ الشديدِ على وحدةِ الأمةِ. كان متواضعًا لا يحبُ الشهرةَ، ومعتمدًا على اللهِ في كلِ أمورهِ. ولقد كانَ لهُ اهتمامٌ خاصٌ بذوي الاحتياجاتِ الخاصةِ والمكفوفينَ، مدركًا معاناتهم. لم يكن يأبهُ لطعامٍ أو شرابٍ فاخرٍ، بل كان يدعو طلابَ العلمِ للإخلاصِ والصبرِ والمثابرةِ. رحلَ عن دنيانا تاركًا خلفهُ إرثًا عظيمًا، وودعتهُ الأمةُ بموكبٍ جنائزيٍ مهيبٍ. الفصل الرابع: المعلم الذي لا ينسى ثم تأتي سيرةُ شيخنا الأستاذ محمد بن صالح العثيمين، الذي عُرفَ بفطنتهِ الشديدةِ وفهمهِ العميقِ، وبإتقانهِ للغةِ العربيةِ والشعرِ، فكانت ألفاظهُ بليغةً في دروسهِ ومحاضراتهِ. كانت قدرتهُ على تبسيطِ الأمورِ المعقدةِ مذهلةً، فكان يقضي حياتهُ معلمًا وواعظًا. كانَ دقيقًا في إجاباتهِ، ويحبُ طلابهُ ويهتمُ بهم. اتسمَ بتواضعهِ وزهدهِ وورعهِ. كانت لهُ ذاكرةٌ قويةٌ وشجاعةٌ في قولِ الحقِ. كانَ حريصًا على عبادتهِ، ولم يخفَ عنه جانبٌ من الدعابةِ في دروسهِ. كانَ يحرصُ على شؤونِ المسلمينَ، ويتميزُ برحمتهِ وشفقتهِ، وبساطتهِ في المعيشةِ. كانَ معلمًا صبورًا، وحججهُ واضحةً مستندةً إلى الدليلِ. وقد كانَ لصوتهِ المسجلِ أثرٌ عظيمٌ في نشرِ علمهِ. الفصل الخامس: الفقيهُ الثابت وفي الختامِ، نتعرفُ على شيخٍ ما زالَ بيننا، شيخنا الأستاذ صالح بن فوزان الفوزان حفظهُ اللهُ. منذُ صغرهِ، كان شغوفًا بطلبِ العلمِ، ارتحلَ في سبيلهِ إلى كبارِ العلماءِ. وهوَ اليومَ مداومٌ على التدريسِ ونشرِ العلمِ. يتميزُ بدقةِ إجاباتهِ ووضوحها. يمتلكُ تواضعًا يجعلهُ يبتعدُ عن الأضواءِ، وشجاعةً في الذودِ عن الحقِ ومواجهةِ البدعِ. يعيشُ حياةً بسيطةً وزاهدةً، ويهتمُ بطلابهِ ويوجههم. كانَ صابورًا في تعليمهِ، ومستندًا دائمًا إلى الكتابِ والسنةِ في كلِ تعاليمهِ. وقد تولى القضاءَ في مراحلَ مختلفةٍ من حياتهِ، وتركَ مؤلفاتٍ غزيرةً، تاركًا بصمةً عميقةً في العالمِ الإسلاميِ. وهكذا، يطوي الكتابُ صفحاتهِ، تاركًا في نفوسنا أثرًا عميقًا من سيرِ هؤلاءِ الرجالِ الذينَ أضاءوا دروبَ العلمِ والعملِ، وضربوا أروعَ الأمثلةِ في الزهدِ والتواضعِ والشجاعةِ والرحمةِ، ليكونوا قدوةً حسنةً للأجيالِ القادمة.
...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

حكايات من الكتبBy حكايات من الكتب