كان هناك شاب يُدعى أبو الحسن. ورث أبو الحسن ثروة عظيمة، لكنه كان يتخفى في ملابس التجار البسطاء ويعمل في بيع الأقمشة. كان أبو الحسن يُقيم حفلات باذخة ويستقبل أصدقاءه الشباب في بيته بعد الغروب. كانوا يتجمعون حول مائدة فاخرة ويتبادلون الأحاديث والأخبار. كان أبو الحسن كريماً في ضيافته، يبذل كل جهده في إظهار الكرم. لكن أصدقاءه كانوا يرفضون حتى أبسط دعواته للنزهة أو الرحلة، بحجة أن لا أحد منهم مستعد لبذل مجهود. كان أبو الحسن يشعر بالألم لعدم وجود صديق مخلص في حياته. وكان يتحدث عن لعبة أو خطة لتعليم الناس العدل والأخلاق. ذات مساء، بينما كان أبو الحسن يستقبل ضيوفه كعادته، جاءه ضيف مميز لم يعرفه من قبل، كان يرتدي ملابس التجار. هذا الضيف كان هو السلطان الحقيقي المتخفي. تناول الضيف الطعام والشراب واستمتع بالموسيقى والغناء في بيت أبي الحسن. أظهر أبو الحسن كرمه المعتاد، واعترف للضيف بأنه كريم في إكرام الضيوف، لكنه بخيل في المصاريف التي لا تجلب منفعة. ضحك الضيف كثيراً من حديث أبي الحسن. ثم، وضع الضيف المتخفي منوماً في كأس عصير وقدمه لأبي الحسن. شرب أبو الحسن الكأس وغرق في نوم عميق. أمر السلطان المتخفي بحمل أبي الحسن وهو نائم إلى القصر. حمل الحراس أبو الحسن في محفة فخمة، وتوجهوا به إلى القصر السلطاني وسط دهشة الحراس عند الباب. أمر السلطان الحراس بوضع أبي الحسن على سريره الخاص في القصر. واستدعى الوزير وكبار رجال الدولة، وأمرهم بأن يعاملوا هذا الشاب على أنه السلطان منذ بداية اليوم، وأن يطيعوا أوامره وينفذوها فوراً. استيقظ أبو الحسن من نومه ليجد نفسه في مكان غريب وفاخر. كان سريره محاطاً بستائر بيضاء مطرزة، وشعر أن الفراش ناعم للغاية. سأل نفسه أين هو، وهل هو في حلم أو في الجنة. رأى حوله أربع جوارٍ جميلات يحيطن به ويقلن له: "صباح الخير يا سيدي السلطان!". دخل المشرف وبيده ورقة طويلة، وبدأ يقرأ جدول أعمال السلطان. شعر أبو الحسن بالدهشة وظن أن هذا حلم أو خدعة أو من عمل الجان. لكنه قرر أن يستمتع باللعبة ويتظاهر بأنه السلطان. توجه أبو الحسن إلى قاعة العرش ببطء وثقة. وجد حوله أركان الدولة والوزراء وكبار المسؤولين. أمر المشرف بالاقتراب وسأله عن الوزير الأعظم، ثم سأله سؤالاً مفاجئاً عن التاجر إبراهيم البغدادي. صاح أبو الحسن قائلاً إن التاجر إبراهيم البغدادي قد سجن وصودرت أمواله. وأمر الوزير بإطلاق سراحه وتعويضه. كما أمر بمعاقبة بعض الأشخاص الذين سمَّاهم "خدم الصباح"، بأساليب مختلفة وغريبة شملت السخرية والتشهير. وتذكر المقولة "الخير في الدنيا أكثر من الشر". ثم طلب من أمين الخزانة أن يعطي مبلغاً كبيراً من المال لوالدة شخص يُدعى "دُثة". عاش أبو الحسن يوماً كاملاً بصفته سلطاناً، استمتع خلاله بالطعام الفاخر المتنوع الذي يُقدم في القصر، وشعر بإعجاب الجواري اللاتي كنَّ يضحكن حوله. كان يعتقد أن كل هذا من فعل "ملك الجان" الذي استضافه. في نهاية اليوم الممتع، أمر السلطان الحقيقي بوضع منوم آخر في كأس عصير أبي الحسن. غرق أبو الحسن في نوم عميق. ثم أعادوه سراً إلى بيته وملابسه القديمة، وتركوه نائماً على فراشه كالمعتاد. استيقظ أبو الحسن في الصباح التالي وهو لا يزال يعتقد أنه السلطان. بدأ يصرخ ويأمر في غرفته، وينادي على الجواري والمشرف. سمعه الجيران وظنوا أنه فقد عقله. تجمعوا حوله واقتادوه قسراً إلى "بيت المجانين" (مستشفى الأمراض العقلية). حاول إقناعهم بأنه السلطان ولكن دون جدوى. في المصحة، استمروا في التعامل معه على أنه مريض، وأحياناً كانوا يضربونه. ظل أبو الحسن لثلاثة أيام على هذه الحال. في اليوم الرابع، بدأ يتحدث مع والدته التي زارته، معترفاً بأنه ضُرب بشدة، لكنه كان لا يزال يتحدث عن الأوامر التي أصدرها والثروة التي صادرتها من التاجر. هنا، يبدو أن مدير المصحة أدرك أن أبا الحسن ليس مجنوناً حقاً، بل مر بتجربة قاسية جعلته يعتقد ما يعتقده. وأدرك أبو الحسن نفسه أن ما حدث له كان بسبب "ملك الجان" رداً على أفعاله و"لعبته" التي كان يريد أن يعلم بها الناس. حاول أبو الحسن إصلاح ما أفسده؛ أرسل رسلاً إلى التاجر إبراهيم البغدادي في سجنه ليطلب يد ابنته "نجمة الصباح" مرة أخرى. لكن التاجر رفض، قائلاً إنه لا يمكن أن يزوج ابنته لشخص مستقبله غير مؤكد، وهو ما زال تحت تأثير العقاب المعروف. أدرك أبو الحسن أنه أضاع فرصة ثمينة لإصلاح الأمور بحكمة. بعد فترة، عاد السلطان إلى بغداد متخفياً. التقى بالوزير، الذي كان لا يزال مضطرباً ويخشى "ملك الجان" الذي يعتقد أنه سبب اتهامه بالجنون. ثم التقى السلطان بأبي الحسن. اعترف السلطان المتخفي لأبي الحسن بتفاصيل الخدعة التي قام بها. بعد أن عرف الحقيقة، وجد أبو الحسن أنه قد أصبح حكيماً بدرجة كافية. لقد علّمه ما مر به دروساً عظيمة. وعندما كشف السلطان عن نفسه كاملاً، خر أبو الحسن على ركبتيه من الدهشة والفرح. أقامه السلطان وقال له: "لقد علمتني يا أبا الحسن ... دروساً عظيمة لأتعلم الحكمة". وأكد الوزير والتاجر إبراهيم البغدادي للسلطان أن أبا الحسن قد تعلم بالفعل، وأنه أدرك قيمة استخدام الحكمة، وأن قيمة شراء الأصدقاء أغلى من شراء الأموال. لقد علمت التجارب القاسية أبا الحسن ما لم يستطع أن يتعلمه بالثروة. وهكذا، انتهت المغامرة وأصبح أبو الحسن حكيماً.