في عالمٍ حيث تتبدّل الأدوار وتتشابك الأقدار، وحيث قد يتحوّل العسكري إلى لصّ واللصّ إلى عسكري، تتكشّف أمامنا مجموعة من القصص التي تغوص في أعماق النفس البشرية وتكشف عن تناقضاتها ودهاليزها المظلمة. هذه حكاياتٌ لا تُنسى عن السقوط والصعود، عن الخطيئة والفداء، وعن البحث الدائم عن الذات في ظلّ ظروفٍ قاسيةٍ وتحدّياتٍ غير متوقّعة. الكابوس وحفل الكآبة بدأ كلّ شيءٍ بمحامٍ كان يشهد على لحظةٍ يجب أن تُجري فيها العدالة مجراها. لقد استأجر لصًا مُهذّبًا ليطلب نقودًا مُخبأة من امرأةٍ عجوز، ووعدها اللصّ ألا يؤذيها. لكنّ المرأة باغتته بضربةٍ غادرةٍ على رأسه، ثمّ قيّدته بحبل الغسيل، وبعد أن أفاقت الشرطة، اكتشفت أنّ المحامي هو مَن استأجر اللصّ، واتّهمته بالإبلاغ الكاذب وإزعاج السلطات، بينما نظر إليها المحامي وشعر بالذنب. بعد سنوات، وفي ليلةٍ بهيجةٍ، توجّه المحامي إلى حفلٍ فخمٍ بفيلّا مترفةٍ، شعر فيها بالتألّق في ملابسه الأنيقة. لكنّ بهجته تلاشت أمام ثراء المدعوّين، وشعر بصعلكته. ومع ذلك، تمكّن من الاستمتاع بالبوفيه الضخم، وبالأجواء الساحرة داخل الفيلا. ثمّ في ذروة الأمسية، شهد مشاجرةً عنيفةً بين زوجة صاحب البيت وابنه، اتّهمته فيها بسرقة مجوهراتها لشرائها مخدّرات، وانتهى الأمر بطلاقٍ أمام الجميع. خرج المحامي من الحفل حزينًا على ما آلت إليه الأمور، لكنّه في الخفاء احتفظ بسوارٍ ألماسٍ ثمينٍ أخرجه من جيبه، مُبتسمًا وراضيًا تمامًا عمّا جرى. صعود المحامي المزيف وسقطة المعلم استمرّ المحامي في رحلته المليئة بالغرائب، فبعد أن قرأ قصيدةً مبتذلةً على موقعٍ إخباريّ شهير، كتب تعليقًا ناقدًا، ثمّ قرّر أن ينشر قصيدةً من دفتر صديقه حسّان، الذي كان قد وهب حياته للأدب، لكنّه تبرّأ من شعره وأصبح إرهابيًا يُدعى "عادل إمام". لاقت قصيدة حسّان التي نشرها المحامي إعجابًا هائلًا، وأصبح المحامي نجمًا أدبيًا، عُرض عليه الانضمام لفريق المحرّرين في الموقع، ثمّ حصل على عقدٍ لطباعة ديوانٍ شعريّ باسمه. استمرّ المحامي في نشر قصائد حسّان، وتضاعفت أرباحه وشهرته. كان يشعر بالذنب كونه ليس هو الشاعر الحقيقيّ، لكنّه وجد نفسه يتكيّف مع الأمر، بل ويقتات على أعمال غيره من الشباب. وفي إحدى الليالي، بينما كان المحامي ساجدًا في المسجد، أحسّ بأنّ حافظة نقوده تُسحب من جيبه. بعد الصلاة، ضرب اللصّ، ليكتشف أنّه الأستاذ أمين، مُعلّمه في المرحلة الابتدائية. ولإخراج مُعلّمه من المأزق، ادّعى المحامي أنّه نسي حافظة نقوده في المنزل، وأنّه لم يدخل بها المسجد من الأساس. لكنّ الأستاذ أمين بدأ يكيل له الشتائم، واشتدّ الموقف، حتّى قام المصلّون بضربه. وفي خضمّ هذا، وجد المحامي حافظة نقوده بجواره، وكان طفلٌ صغيرٌ هو مَن وضعها له. مهرجان الكآبة بعد فترةٍ، وجد المحامي نفسه في مهرجانٍ حقيقيّ للكآبة، في جنازة والده. كان يعاني من عويل النساء المبالغ فيه، وشهد موت المُغسّل الذي جاء ليقوم بتغسيل والده. وفي لحظةٍ صادمةٍ، اكتشف أنّ المُغسّل الأستاذ أمين – مُعلّمه السابق – كان على وشك دفن دميةٍ مكان جسد والده. وفجّر مُخلِص – صديق الطفولة للمحامي والوسيط في الأمر – مفاجأةً مدوّيةً: لقد قام المحامي ببيع جثة والده لسداد دينٍ كبيرٍ. تعمّق الأمر، وانتهى المشهد بالنساء يلطمن وجوههنّ، بينما هنّأ مُخلِص المحامي بأنّ لديه "هديتين في يومٍ واحدٍ". قصصٌ أخرى من أعماقٍ مظلمة ولم تكن تلك الوحيدة حكاية المحامي، فالكتاب يحمل بين طيّاته أقدارًا أخرى لا تقلّ قسوةً وتعقيدًا: مشروع تفريخ الإناث: يحكي عن أبٍ صعيديٍّ حاول بكلّ الطرق، حتى المنحرفة منها، أن يُحوّل ابنه الذي كان يتمتّع بملامح أنثويةٍ رقيقةٍ إلى رجلٍ. دفعه إلى مجالس "الأوباش" وتعاطي الحشيش ومصاحبة الفتيات. وعندما اكتشف الأخ الأكبر (الراوي) وجود علاقةٍ غير لائقةٍ بين أخيه وصديقه "جويدة"، قام بالهجوم عليهما. استمرّ الأب في محاولاته لإصلاح ابنه، حتى وصل الأمر إلى عمليةٍ جراحيةٍ لتغيير الجنس. وفي المستشفى، بعد أن رأى الراوي أخاه وقد أصبح "امرأةً متكاملة الأركان"، نادته الأمّ لتهنئ أخته. قام الراوي بإغلاق الباب بالمفتاح، وتناول مطواته، وأقبل على أخيه وجويدة. الوسواس: قصة رجلٍ مسنٍّ كان مهووسًا بالتحكّم بزوجته، حتى أثناء قيادتها للسيارة. وفي رحلةٍ لهما، تعرّضا لهجومٍ من لصّين مُلثّمين. كشف الراوي أنّ أحد اللّصين هو ابن أخ زوجته، الذي ادّعت أنّه مُصابٌ ويعيش على عكازٍ. أدرك الرجل أنّ زوجته دبّرت السرقة، فقام بإطلاق الرصاص عليها، لكنّها نجت بأعجوبةٍ. من سيربح المليون دولار: يائسًا لإنقاذ ابنته المريضة التي تحتاج لزرع كليةٍ، يقرّر طاهٍ (شيف حلواني) أن يسرق عجوزًا أجنبيًا. ينجح في سرقة الحقيبة التي تحتوي على مليون دولار، لكنّه يُسرق هو بدوره من قبل ثلاثة لصوصٍ. يتسلسل السّرقة، لتصل الحقيبة إلى سائق حافلةٍ، الذي بدوره يسلّمها إلى شيخٍ طيّبٍ يدعى "فرج منصور". لكنّ الحقيبة كانت تحتوي على قنبلةٍ تنفجر في سيارة الشيخ فرج، مُوديةً بحياته وبحياة أفراد كمينٍ للشرطة، مُكشفةً عن مؤامرةٍ أكبر. الزائر: يزور المحامي جابر شفيق تامر، الذي هجر القاهرة واستقرّ في الصعيد، ليكشف له أن والدته - سهام، الراقصة الشهيرة - على فراش الموت. يرفض تامر زيارة أمه في البداية، بسبب عاره من مهنتها. لكنّ جابر يقنعه بأنّها تابت وتبني جامعًا ومستشفى خيريًا. يوافق تامر بشروطٍ، لكنّه يُخدّر في المستشفى ويُجبر على التبرّع بنخاعه الشوكيّ لأمه دون علمه أو موافقته. حين يكتشف الحقيقة، يشعر بالخيانة ويُصيبهُ الغضب، ثمّ يقفز من نافذة غرفته في المستشفى. صندوق النذور: في نهاية المطاف، نُقابل "عوف"، خادم مسجدٍ فقيرٍ يتيمٍ، كان يعيش على صدقات الناس. يحلم عوف ببيتٍ صغيرٍ وحياةٍ كريمةٍ. وفي لحظة يأسٍ ويأسٍ، يقرّر سرقة صندوق النذور في المسجد. يُفاجئه الشيخ جلال، إمام المسجد، فيتّهمه بالسرقة ويُهدّده بالفضْح. في محاولةٍ يائسةٍ لمنعه، يضرب عوف الشيخ جلال بعامودٍ حديديٍّ، فيسقط الشيخ مُغطّى بدمائه. يهرب عوف بالمال، ويتخبّط في الشوارع، ثمّ يقرّر الانتحار بعد أن يدرك أنّه لا قيمة لحياته. يشتري سمّ الفئران، ويُقرّر أن يعيد الأموال للمسجد قبل موته. يتناول السمّ، ويتّجه نحو المسجد، مُصمّمًا على أن يموت بداخله لعلّ الله يرحمه. لكنّ آخر ما سمعه هو أذان الفجر بصوت الشيخ جلال نفسه، فيندهش عوف ليجد الشيخ جلال واقفًا يؤذّن، ورأسه مُغطّى بالضمادات. هذه القصص، بتقلّباتها ودروسها، ترسم صورةً لعالمٍ تعبث فيه الأقدار بالبشر، وتُظهر أنّ خطوط الأخلاق قد تتلاشى، وأنّ النعمة قد تتحوّل إلى نقمةٍ، والعكس صحيحٌ.