السيدات اللاتي وردتأسماؤهن في تقرير القنصل البريطاني بمسقط المؤرخ في 6 يوليو 1961م، هُنَّ: السيدة نوار بنت ملك بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان آل سعيد. والسيدة حذام بنت حمد بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان آل سعيد. وهما ابنتا عم السلطان سعيد بن تيمور سلطان عُمان آنذاك. والسيدة بردى بنت فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان آل سعيد، وهي عمة السلطان سعيد بن تيمور. وقد جاء ذكر السيدات الثلاث في وثيقة حملت الرقم 1156 في موسوعة عُمان الوثائق السرية في مجلدها الخامس، تحت عنوان: "مذكرة من القنصل البريطاني في مسقط للبعثة البريطانية في البحرين حول زيارة زوجته لبعض النساء في مسقط ("(FO 371/156821، مؤرخة في 6 يوليو 1961م، والزيارة كانت في مارس 1961م.ويمكن القول بأن هذه الوثيقة بمثابة فيلم وثائقي قصير يختزل صورة من صور الحياة في مسقط في الستينيات من القرن العشرين. تقع الوثيقة في سبع صفحات، الصفحة الأولى ونصف الصفحة الثانية منها عبارة عن تقرير عام عن الزيارة مُرسل من القنصل البريطاني ج. ف. أس. فيلبس (J.F.S.Philips). ومن منتصف الصفحة الثانية وحتى الصفحة السابعة (ص137-143) من الوثيقة عبارة عن تقرير من إنشاء زوجة القنصل البريطاني تحت عنوان فرعي: "زيارة النساء في مسقط"، على شكل فقرات مرقمة من 1 إلى 28. ومضمون الوثيقة ينصب في وصف زيارة قامت بها زوجة القنصل البريطاني لثلاث سيدات من الأسرة الحاكمة برفقة الممرضة جانيت بورسما -الشهيرة لدى العُمانيين بخاتون نعيمة- حيث كانت تعمل كممرضة بمستشفى الإرسالية الأمريكية بمسقط منذ عام 1951م.ونسرد مقتطفات مما جاء في الوثيقة بلسان زوجة القنصل البريطاني، والبداية مع السيدة نوار التي تسكن في منزل والدها السيد ملك، حيث تقول زوجة القنصل البريطاني: "ذهبنا أولاً إلى منزل السيد ملك وهو متزوج من ثلاث أو أربع سيدات ولديه ابنة واحدة هي بيبي نوار، وهو يحبها كثيراً، ولها أولوية على كل زوجاته بما في ذلك أمها". تشير زوجة القنصل في بداية الزيارة: "لا يطلق على أعضاء الأسرة المالكة من النساء لقب سيدة بل يتم استعمال لقب بيبي (وهو مستعمل في زنجبار أيضاً)". تستكمل زوجة القنصل البريطاني وصف زيارتها، فتقول: "ذهبنا بعد ذلك لزيارة بيبي حذام وأبوها هو شقيق السيد ملك وتعيش مع أخيها السيد سلطان وأرامل أبيها وهي أيضاً لها مكانة كبيرة بين كل النساء الموجودات في المنزل وهي في نفس عمر بيبي نوار وغير متزوجة أيضاً". وتصف استقبال السيدة حذام لها: "استقبلتنا بيبي حذام عند المدخل وأخذتنا إلى الطابق الأعلى". وتسطرد زوجة القنصل البريطاني مقارنةً بين السيدة حذام والسيدة نوار: "لم تكن في نفس حيوية وجمال بيبي نوار ولكنها أكثر أرستقراطية منها نوعاً ما". تستكمل زوجة القنصل البريطاني وصف الزيارة بعد مغادرة منزل السيدة حذام، فتقول: "بعد ذلك لبينا الدعوة لزيارة بيبي بردى وهي الأخت الشقيقة -غير المتزوجة- للسيد شهاب والسيد عباس والسيد ملك"، وأشارت زوجة القنصل البريطاني إلى أن السيد ملك هو الشقيق المفضل للسيدة بردى: "وبدا أن السيد ملك هو الشقيق المفضل لها ولكنه يقيم الآن في السيب حيث مزرعته الكبيرة التي يعمل على تطويرها وتركيب مضخة ماء جديدة فيها". ووصفت زوجة القنصل البريطاني السيدة بردى: "... ولها حضور وذكاء ملحوظان وكلامها ممتع إلى حد ما". ختمت زوجة القنصل البريطاني تقرير زيارتها، بقولها: "كنت محظوظة لوجودي مع جانيت في هذه الزيارات فهي على علاقة جيدة مع هؤلاء النسوة وتعرف صديقاتهن أيضاً وفي نفس الوقت لها معرفة واسعة باللغة العربية لذا كانت المؤانسة مفتوحة وممتعة معهن". وهذا الشعور بالحظ والغبطة بهذه الزيارة سطرته زوجة القنصل البريطاني في أول سطر في تقريرها، بقولها: "كنت محظوظة بما فيه الكفاية بأن دعتني الآنسة جانيت بورسما من البعثة الطبية الأمريكية لمرافقتها عدة مرات عندما وجهت لها دعوات شخصية لمقابلة كثير من السيدات في مسقط".انتهى تقرير زيارة زوجة القنصل البريطاني الذي هو أشبه بفيلم قصير يجسد يوميات في العاصمة مسقط في ستينيات القرن العشرين، ويمكن القول بأن بعض الوثائق هي أشبه بلحظة زمنية محنطة يمر من خلالها شريط الحياة، ترى من خلالها حركة الناس ونشاطهم وهمومهم الصغيرة والكبيرة، والكثير من المشاعر والأفكار مما يمكن أن تبعثه في داخلك وثيقة.