قال التلميذ : شيخي ، كيف يكون الدعاء عبادة وهو طلب منفعة ؟!

فطالب المنفعة يتذلل للمنفعة ، لا للنافع !! والعبادة تذلل للنافع ، لا للمنفعة. !!

فقال الشيخ : يا بني ، الدعاء طلب منفعة من النافع بذاته ، فالداعي قد تعبّد لله تعالى باعتقاده فيه عز وجل أنه هو وحده الرازق المالك المدبر ، ثم طلب بعدئذ من ربه النفع . فالداعي لا يتذلل للمنفعة ، بل يتذلل للنافع الذي بالتذلل له تتحقق المنافع .

يا بني ، الدعاء هو تَجلي العبودية : فهو اعترافٌ بالعجز الكامل أمام كمال الحول والقوة ، وهو لجوء الفقير للغني الجواد ، وثقة المستجير بالمجير ، وتَشبث المستغيث بالمغيث ، وتَحبُّبُ الصغير للكبير ، وتودد العبد للسيد ؛ فكيف لا يكون الدعاء عبادة ، وهو متضمن كل أصولها وفروعها وثمارها .

يا بني ، كم ذكّر دعاء ناسيا بعبوديته وافتقاره لربه ، حتى ربما كان طلب المنفعة فيه أقل فوائده وعوائده ، إذ ذكّر ناسيا ! وكم أيقظ دعاؤك شعورك بإيمانك ، فاستيقظت على قلب مؤمن ، كانت الذنوب واليأس قد شككاك في وجوده ، فاستيقظت على إيمان راسخ وقلب نابض بالثبات عليه !

يا بني ، ادعُ ، وادعُ ، ثم ادعُ ؛ فأنت في عبادة مادمت داعيا .

وحين تترك الدعاء ، فاعلم أنك في معصية أشد من كل عصيان !

بقلم الشريف حاتم بن عارف العوني

تسجيل وإلقاء: م. معتصم الشامي

الخلفيات من أعمال: مشاري العفاسي و سلمان الملا