خالد بن الوليد خرج من شبه الجزيرة محاربًا صلبًا، لكنه لم يلبث أن تحول إلى أسطورة عسكرية خالدة. التكتيكات التي ابتكرها في القرن السابع الميلادي – من الانسحاب المنظّم في مؤتة، إلى التطويق المزدوج في الولجة، ثم استثمار قوة الاحتياط في اليرموك – بقيت تُدرَّس كنماذج في فنون المناورة إلى يومنا هذا. وعندما نقارن سرعة تحركه ومفاجآته الخاطفة بخطط قادة القرن العشرين مثل جورج باتون في الحرب العالمية الثانية أو إرفين روميل "ثعلب الصحراء"، نجد أن خالد سبقهم جميعًا بالروح نفسها: سرعة الحركة، المباغتة، واستغلال اللحظة الحاسمة، مع فارق أن أدواته كانت فرسانًا على الخيل لا دبابات ومدرعات. انتصاره الساحق في اليرموك يُقارن اليوم بأكبر المعارك الفاصلة في التاريخ من حيث الحسم والتأثير. وما يجعل تجربته أكثر إلهامًا أن مبادئه الجوهرية – الجرأة في القرار، المرونة في التخطيط، السرعة في التنفيذ، والمحافظة على دماء جيشه – تظل قيمًا عسكرية خالدة لا زمن لها، وتجعل من خالد بن الوليد بحق "معلم هندسة المناورة" الذي سبق عصره بقرون. #الدحيح