تواجه الصحافة في المنطقة العربية تحديات عديدة، من بينها الضغوط القانونية والدعاوى القضائية التعسفية التي تُستخدم كأدوات لترهيب الصحفيين وتقييد حرية التعبير. في ملتقى أريج السابع عشر للصحافة أُقيمت جلسة خاصة تسلط الضوء على هذه القضايا، وتناقش سبل المساءلة القانونية وآليات حماية الصحفيين.
في هذا السياق، أجرى طارق حمدان لقاءً مع المحامي المتخصص في قضايا الإعلام الأستاذ خالد خليفات، لنتعرف معه على أبعاد هذه الدعاوى التعسفية، وكيف يمكن للصحافيين مواجهة هذه التحديات قانونيًا.
من يُحرك هذه القضايا؟ الحكومات أم الأفراد؟
بحسب خليفات، الدعاوى التعسفية تأتي من جهات متعددة، فقد تُحركها الحكومات مباشرة أو من خلال أفراد مدفوعين منها. كما قد تُرفع من شخصيات مؤثرة مثل رجال أعمال أو سياسيين يسعون لتكميم الأفواه. ومع ذلك، تظل أخطر أشكال هذه الدعاوى تلك التي تُدار من قبل الحكومات، لما تمتلكه من أدوات أكثر قسوة، مثل الاعتقال التعسفي أو السجن.
ألتأثير النفسي والاقتصادي على الصحفيين
تأثير هذه الدعاوى على الصحفيين لا يقتصر على الجانب المهني، بل يمتد إلى الجوانب النفسية والاقتصادية. يشير خليفات إلى أن الصحفي الذي يواجه مثل هذه التحديات يبدأ في ممارسة الرقابة الذاتية خوفًا من التعرض للملاحقة، ما يجعله يبتعد عن الملفات الحساسة والشائكة. من الناحية المالية، يُعاني العديد من الصحفيين من تكلفة التمثيل القانوني، خاصة في ظل ضعف الدعم المؤسسي من جهات حقوقية تُعنى بالدفاع عنهم.
التشريعات العربية: بين النظرية والتطبيق
رغم أن الدساتير العربية تضمن حرية الرأي والتعبير، فإن التطبيق العملي يعكس تضييقًا كبيرًا على حرية الصحافة. يلفت خليفات الانتباه إلى أن التشريعات الجديدة، خاصة المتعلقة بالإعلام الرقمي، أصبحت أكثر صرامة وتستغلها بعض الأطراف لإسكات الأصوات المستقلة.
ضعف الدعم المؤسسي للصحفيين
يؤكد خليفات أن المؤسسات الحقوقية والصحفية لم تعد قادرة على توفير الدعم الكافي للصحفيين، نظرًا لزيادة أعداد العاملين في المجال الصحفي، خاصة في العالم الرقمي. وأضاف أن ضعف الموارد المالية لهذه المؤسسات يُشكّل عائقًا كبيرًا أمام تقديم الحماية القانونية اللازمة للصحفيين في مواجهة الملاحقات القضائية.
كيف يمكن للصحفيين حماية أنفسهم قانونياً؟
دعا خليفات إلى ضرورة تأهيل الصحفيين مهنيًا وقانونيًا. وأكد أن الصحفيين بحاجة إلى معرفة أساسية بالقوانين والتشريعات المتعلقة بعملهم، خاصة في ظل التحول نحو الإعلام الرقمي. كما شدد على أهمية أن يكون الصحفي مثقفًا ومطلعًا، وأن يسعى للحصول على التدريب اللازم لحماية نفسه من الملاحقات القانونية.
الإعلام الرقمي: تحديات جديدة وتشريعات متسارعة
أشار خليفات إلى أن التحول نحو الإعلام الرقمي يفرض تحديات جديدة على الصحفيين، إذ تتزايد التشريعات المرتبطة بالنشر الإلكتروني بشكل سريع. الصحفيون مطالبون بأن يكونوا أكثر وعيًا بهذه القوانين حتى لا يقعوا ضحية للاستغلال أو الملاحقة القضائية. في ختام حديثه، شدد خليفات على ضرورة تضافر الجهود بين المؤسسات الحقوقية والصحفيين لمواجهة هذه التحديات. حماية حرية الصحافة تتطلب دعمًا ماديًا وقانونيًا حقيقيًا للصحفيين، بالإضافة إلى رفع مستوى وعيهم بالقوانين التي تحكم عملهم في ظل الثورة الرقمية المتسارعة.
إضغط/ي على زر الاستماع
يمكنكم الاستماع لبرنامجنا من خلال صفحتنا البودكاست سبوتي فاي و أنغامي
يمكنكم المشاركة على الهواء مباشرة أو التواصل معنا من خلال رقمنا على الواتساب: 0033764439855
يمكنكم متابعة البرنامج على صفحة الفيسبوك