يبتدئ العروي مقاربته لمفهوم الحرية على الصعيد العربي، استناداً إلى واقعة تاريخية توثِّق لأول احتكاك للعرب مع مفهوم الحرية في العصر الحديث؛ حيث كانت مطالب سفراء دول أوروبا لزعماء المسلمين تدور حول الحرية. يقول العروي إن أولئك الزعماء لم يكونوا يدركون ما المقصود بالحرية، وفي الحالات التي كان الأوروبيون يُسألون فيها عن هذه الحرية كانوا يجيبون: هي سبب رقينا وتقدمنا وعظمتنا. ومهما يكن من أمر؛ فإن هذه الحادثة التي يوردها العروي تؤكد أمرَين: أولهما أن العرب اقتبسوا في العصر الحديث مفهومَ الحرية عن الغرب، وثانيهما أن العرب لم يتعرفوا على مفهوم الحرية إلا في القرن العشرين، بعد أن كان قد ترسخ في الغرب منذ زمن طويل.