اتّجه الفلاسفةُ المسلمون في العصر الوسيط، بَدْءاً من الكنديّ (805-873 م)، وصولاً إلى ابن رشد (1126-1198 م)، نحو فهم تكوين العالمِ، وفقاً لمناهج علوم محدّدة هي: الطبيعيّات (=الفيزيقا) والتعاليميّات (=الرياضيات) والإلهيّات (=الميتافيزيقا)، والآلة الحاكمة على صحّة هذا الفهم هي علم المنطق؛ ذلك أنَّ العالَم الماديّ المُرَكَّب من العناصر الأربعة (=التراب والماء والهواء والنّار) والممتدّ إلى أقصى ما تراه العين من نجوم بعيدة، يمثِّل التصوّر الأشمل عن الطبيعة بما تكتنفه من موجودات، ويُعنى بالبحث في موجودات هذا العالم الماديّ علم الفيزيقا؛ غير أنَّ هذه الموجودات المُلابِسة للمادّة -باستثناء الكائنات الحيّة منها- يمكن تجريدها من موادّها فتتحوَّل إلى أعداد وأشكال هندسية، فيصبحُ علمُ الرياضيات ممكناً، وبإرجاع هذه الموجودات أنفسها إلى عِلّة أولى ينفتح مجال التأمُّل الميتافيزيقيّ في عظمة الأُلوهيّة.