يفيدُ التعقُّبُ التاريخيُّ للأطروحة النهضويَّة العربيَّة، في تبيُّن الصِّلات القائمَة بين الوعي بالتأخُّر وبلورة سؤال التقدُّم. لقد شكَّل الوعي بالتأخُّر التاريخيِّ قياساً إلى الآخر، باباً من أبواب انتباه الذات العربية لإعادة التعرُّف على نفسها، ومساءلة تصوراتها حول ذاتها. كانت العرب أسيرة نزعات مدائحيَّة، صوَّرت لها المآل على مقاس الحَال، ولمّا امتدَّ مفعول المدائحيَّات تلك إلى مفاصل الأمَّة ومكونَّاتها أفراداً ومجتمعاً ودولةً، فإنه حال بينها والانتباه إلى أن التاريخ بالإنسان دوَّارٌ، وحيث يكفّ فاعل ما عن صنعه، فإن غيره يفعل.