عالم السياسة

منهجية التعامل مع الفكر الغربي | الحلقة 11 | د. عبدالوهاب المسيري


Listen Later

في الحلقة الحادية عشرة من "منهجية التعامل مع الفكر الغربي" للدكتور عبدالوهاب المسيري، يتناول المسيري مفهوم "النموذج الاستهلاكي" في الغرب، وتأثيره على المجتمعات غير الغربية، مشددًا على ما يصفه بـ"أزمة الاستهلاك المفرط" التي أصبحت إحدى السمات البارزة للعصر الحديث. يناقش المسيري كيف أصبحت الثقافة الاستهلاكية جزءًا لا يتجزأ من الفكر الغربي، ويعرض كيفية انتقال هذا النموذج إلى المجتمعات الأخرى، مما أدى إلى تغييرات جذرية في القيم الاجتماعية وأنماط الحياة.

يبدأ المسيري الحلقة بالحديث عن جذور النزعة الاستهلاكية في الغرب، موضحًا أن هذه النزعة نشأت نتيجة التركيز على الإنتاجية المفرطة والرغبة في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، مما أدى إلى تحول المجتمع الغربي نحو ثقافة الاستهلاك. يشرح كيف يرتبط الاستهلاك في الغرب بالقيم المادية، حيث يتم قياس النجاح والقيمة الفردية بناءً على القدرة على امتلاك المنتجات والخدمات. ويرى المسيري أن هذه الثقافة لا تقتصر على تلبية الاحتياجات الأساسية، بل تتجاوزها لتشمل الرغبات الزائدة، مما يؤدي إلى نوع من "الاستعباد المادي" الذي يفصل الإنسان عن روحه وقيمه الإنسانية.

يتناول المسيري أيضًا تأثير انتشار الثقافة الاستهلاكية على المجتمعات غير الغربية، حيث يوضح كيف تحاول هذه المجتمعات تقليد النموذج الغربي في الاستهلاك، رغم اختلافاتها الثقافية والاجتماعية. يرى أن هذا التقليد أدى إلى تهميش القيم التقليدية التي كانت تعطي الأولوية للتكافل الاجتماعي والروابط الأسرية، واستبدالها بقيم فردية تركز على المظاهر والامتلاك. ويحذر من أن هذا التحول قد يؤدي إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية مثل التفاوت الاقتصادي، والإفراط في الدين المالي، وتآكل القيم المجتمعية.

يناقش المسيري في هذه الحلقة أيضًا الآثار النفسية والاجتماعية للنموذج الاستهلاكي، مشيرًا إلى أن ثقافة الاستهلاك تشجع على خلق شعور دائم بعدم الرضا، حيث يصبح الإنسان دائم البحث عن مزيد من الممتلكات والمنتجات من أجل الشعور بالسعادة والانتماء. يعتبر المسيري أن هذا السعي المستمر خلف الاستهلاك يخلق نوعًا من "الفراغ الروحي" ويجعل الأفراد يعانون من ضغط نفسي واجتماعي، حيث يفقدون القدرة على التمتع بالأشياء البسيطة ويصبحون عبيدًا لرغبات لا تنتهي.

كما يقدم المسيري تحليلاً لمفهوم "الإعلان" بوصفه أحد الأدوات القوية التي يستخدمها الفكر الغربي لتعزيز الثقافة الاستهلاكية، مشيرًا إلى أن الإعلان لا يقتصر على الترويج للمنتجات، بل يسهم في تشكيل قيم وأفكار جديدة حول مفهوم النجاح والسعادة. يرى أن الإعلان الحديث أصبح علمًا قائمًا بحد ذاته، يستخدم تقنيات نفسية متقدمة لاستهداف الرغبات العاطفية للإنسان، مما يؤدي إلى تعزيز ثقافة الاستهلاك.

...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

عالم السياسةBy Politics World