قال ابنُ جريرٍ الطبري: "وأما قولُه الحيُّ فإنَّهُ يعني: الذي له الحياةُ الدائمةُ والبقاءُ، الذي لا أولَ له يُحدُّ ولا آخِرَ له يُؤمَّدُ، إذ كَانَ كلُّ ما سِوَاه فإنه وإن كان حيًّا فلحياتِهِ أولٌ محدودٌ، وآخرٌ مأمودٌ، ينقطع بانقطاعِ أمدِها وينقضي بانقضاءِ غايتِها".
والحيُّ سُبْحَانَهُ هو المتصفُ بالحياةِ كوصفِ ذاتٍ للهِ لا يتعلق بمشيئتِهِ، وإنْ تعلَّقَ بها فالإحياءُ وصفُ فعلِهِ.
ولَـمَّا كان كلُّ ما سِوى اللهِ حياتُه قائمة على إحياءِ اللهِ، وإحياءُ الله يدلُّ بالضرورةِ عَلَى وصفِ الحياةِ، عَلَى اعتبار أنَّ الحياةَ الذاتيةَ لله هِيَ الحياةُ الحقيقيةُ وكل مَنْ سِواه يفنى أو قابلٌ للفناء بمشيئةِ اللهِ، فإنَّ اسمَ الله الحيّ دالٌّ عَلَى الوَصفينِ معًا، الحياةُ كوصفِ ذاتٍ والإحياءُ كوصفِ فعلٍ، ومِنْ هنا كانت دعوةُ الموحِّدين إِلَى الاعتمادِ على اللهِ؛ لأنه الحيُّ الذي لا يموت كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58].