الطبري يقول: "المصور أي الذي صور خلقه كيف شاء وكما شاء" وقال في تفسير قول الله تعالى {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ *فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ }[الانفطار:7-8] أي صرفك وأمالك إلى أي صورة شاء.
يعني وكأن الخلق في البداية يكون كقطعة طين ثم يميله إلى جنس معين، فهذا من جنس عربي وآخر من جنس أعجمي، وهذا أبيض وذاك اسمر، وهذا أماله إلى صوره حسنة وذاك إلى صورة قبيحة أو إلى صورة بعض القرابات مثلا، فهذا يشبه أباه وهذا يشبه أمه وهذا يشبه خاله وآخر يشبه عمه وهكذا.
قال الزجاج: "المصور هو مصور كل صورة لا على مثال احتذاه ولا على رسم ارتسمه بل يصوره كيفما شاء سبحانه وتعالى".
قال ابن كثير: "الخالق البارئ المصور أي الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون على الصفة التي يريد والصورة التي يختار".
· ويقول الخطابي: "هو الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة ليتعارفوا بها قال: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}[التغابن:3]" لأنه لو وجد شخصين يتشابهان تماما لن يتمكن الناس من التفريق بينهما، وهذه الحكمة تغلق باب الاستنساخ لأنه يناقضها.
إذا فمعنى المصور على أمرين الأول: الذي أمال خلقه وعدلهم إلى الأشكال والهيئات التي توافق تقديره وعلمه ورحمته التي تتناسب مع مصالح الخلق ومنافعهم.
والثاني: أنه الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة وهيئات متباينة من الطول والقصر والحسن والقبح والذكورة والأنوثة كل واحد بصورته الخاصة.