ابن القيم قال: "هو القائم بنفسه، الذي قيام كل شيء به، أي: هو المقيم لغيره، فلا قيام لغيره بدون إقامته له، وقيامه هو بنفسه، لا بغيره"، قام بنفسه، وقام كل شيء به؛ يعني: أنه هو الذي أقامه، فكل ما سواه محتاج إليه بالذات، والله -تبارك وتعالى- هو القيوم، هذا الاسم الكريم الجامع لصفات الأفعال، أو هذا الوصف الذي يتضمنه هذا الاسم يجمع صفات الأفعال: (التدبير، والرزق)، فهو قائم على كل شيء، وقائم على كل نفس، وهذا من معاني الربوبية، فإن الرب هو السيد، والمتصرف بخلقه، والمربي لهم بالنعم الحسية، والمعنوية، الظاهرة، والباطنة، فهذه الأسماء -كما ترون- تتصل ببعضها اتصالاً وثيقاً، والله هو الذي يرزق، هذا من معاني القيوم، ومن معاني الرب، هو الذي يحفظ كل شيء، ويتصرف فيه كما أراد زيادة، ونقصاً، وتبديلاً، وتغييراً.
والمقصود أن القيوم: يدل على المبالغة من القيام، فإن الله يقول: أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْالرعد:33، قائم، يقوم عليها بما كسبت، فيحصي ذلك، ويحاسبها على ما اقترفت، وجنت، كما أنه -تبارك وتعالى- يجازي كل عامل بعمله، أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌالرعد:33، وصيغة المبالغة: (القيوم)، فهو -تبارك وتعالى- يقيم أمر أهل السموات، والأرض، بل يقيم السموات والأرض وما فيهما، ويدبرهما، ويرزق أهلهما، فالحي -الذي سبق الكلام عليه-: يجمع صفات الذات، والقيوم: يجمع صفات الأفعال؛ فإن من كمال حياته أن يكون سميعاً، بصيراً، إلى غير ذلك من صفات الذات