إن ولاية الله لخلقه تشمل جميع الخلق في الأرض وفي السماء، برهم وفاجرهم، المسلم منهم والكافر، وإن ولايته سبحانه تنقسم إلى قسمين:
ولاية عامة: تقتضي الخلق والرزق والإحاطة، ومنها قوله تعالى: (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) [الأنعام:62].
وولاية خاصة: تقتضي الهداية والتوفيق، قال سبحانه: (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ) [البقرة:257] ، وتقتضي النصرة والتأييد كما في قوله تعالى: (بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) [آل عمران:150]، وتقتضي المحبة، قال عز من قائل: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) [الأعراف:196]، وتؤدي كذلك الاطمئنان والسعادة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [يونس:62] .
وانظروا -رحمكم الله- إلى ولاية الله لعبده في أدق معانيها: تولى الله أمر سيدنا يوسف، فأحوج القافلة للماء في الصحراء ليذهبوا إلى البئر، ثم أحوج عزيز مصر للأولاد ليتبنى سيدنا يوسف، ثم أحوج الملك للرؤيا وتفسيرها ليخرجه من السجن، ثم أحوج مصر بأكملها للطعام ليكون عزيز مصر، كل هذا من أجل عبده الذي تولى أمره، انظر إلى آخر سورة يوسف: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [يوسف:101]، أتمم ولايتك علىَّ في القبر وتوفني مسلماً وأدخلني الجنة كما توليت أمري طوال حياتي.