قول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: و”الظاهر” يدل على عظمة صفاته، واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات، ويدل على علوِّه.
واسم الله الظاهر مقترن بالباطن، ومن أسرار اقتران أسماء الله الحسنى: الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، فمعرفة هذه الأسماء الأربعة؛ الأول والآخر والظاهر والباطن هي أركان العلم والمعرفة، فحقيق بالعبد أن يبلغ في معرفتها إلى حيث تنتهي به قواه وفهمه.
فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة؛ وهي إحاطتان زمانية ومكانية، فإحاطة أوَّليَّته وآخريَّته بالقبل والبعد، فكل سابق انتهى إلى أوَّليَّته، وكل آخر انتهى إلى آخريَّته، فأحاطت أوليَّته وآخريَّته بالأوائل والأواخر، وأحاطت ظاهريَّته وباطنيَّته بكل ظاهر وباطن، فما ظاهر إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه، وما من أول إلا والله قبله، وما من آخر إلا والله بعده؛ فالأولُ قِدمُه، والآخرُ دوامُه وبقاؤُه، والظاهرُ علوُّه وعظمتُه، والباطنُ قربُه ودنوُّه، فسبق كلَّ شيء بأوَّليَّته، وبقي بعد كل شيء بآخريَّته، وعلا على كل شيء بظهوره، ودنا من كل شيء ببطونه، فلا تواري منه سماءٌ سماءً، ولا أرضٌ أرضاً، ولا يحجب عنه ظاهرٌ باطناً، بل الباطنُ له ظاهرٌ، الغيبُ عنده شهادةٌ، والبعيدُ منه قريبٌ، والسرُّ عنده علانيةٌ، فهذه الأسماء الأربعة تشتمل على أركان التوحيد؛ فهو “الأولُ” في آخريَّتِهِ، و”الآخرٌ” في أوَّليَّته، و”الظاهرُ” في بطونه، و”الباطنُ” في ظهوره، لم يزل أولاً، وآخراً، وظاهراً، وباطناً