من مقال نشره الشريف حاتم بن عارف العوني لأحد عاشقي مكة وكعبتها
نص وإلقاء وهندسة: معتصم الشامي
الخلفيات من مقطوعات عمر فاروق
.
.
أجلس متكئاً على أحد أعمدة المطاف مقيدا ناظري تجاه تلك العظيمة التي اكتست السواد…
إلى تلك التي حجبت جمالها بذاك الغطاء المطرز بخيوط الذهب …
تلك التي أسرت بعطرها قلوب العاشقين …
أناظر مِن حولها فأرى آلاف العاشقين يطوفون بساحها … يركبون أمواج حبهم وعشقهم …
يتمسحون أركانها ..
يقبلون جنباتها ويبكون على عتباتها ..
وهي شامخة متسمرة في مكانها تكسوها الهيبة والجلالة والعظمة لا تنطق بحرف فترضي به قلوب العاشقين …
مهلا بالله مهلاً
رفقاً بقلوب هؤلاء…
كيف أسرت قلوبهم، وسحرت ألبابهم ..
تكلمي بالله عليك ….!! انطقي وكفاك ترفعاً ..
علمت أن لا فرق بين وبين ملايين الهائمين، وأنها لن تلقي لندائي بالاً …
اقتربت من تلك الفاتنة متهيبا تدفع قدمي الأخرى، تريد منها التقدم أكثر
لم يبق إلا خطوة أو خطوتان !! فأمد يدي في تردد وخشية لتصل قبلي وتلمس جسدها وفي قلبي مهابة التقدم أكثر …
لكن لكسائها ملمساً شد إليه يدي الأخرى ….
آآآآآاه ثم ما آآآآآآه
ما فعل بي عطرك أيتها المشرفة …
!! اشد بيداي عساي أمسك شيئا من ذا الرداء !! أريد العناق أكثر وأكثر …
أريد أن ألصق صدري أكثر …!! أريد أن أغوص في ثناياها..!! فتأبى حجارتها السماح لي
فيهمس قلبي مبتسماً …. أن دعها لي
فينادي … يناجي … يهتف مسبحا خالقها وباريها
يشكو همه لكاسيها ذا الجلال، ويصدح بما حوى من حب ووجد
فيصم نداؤه أذناي عن سماع من حولي … فيخلو بنا المكان رغم ما حوى من طائقين مسبحين مهللين
حينها يبدأ مطر الدموع فيجري على وجنتي ممسكاً بيد قلبي هامساً في أذنه …!! ألا فلنذقه العناق الحق
هنا يمسكان بيداي وينطلقان بروحي إلى عوالم أخرى…
عوالم يختلط فيها الحب بالخوف والشوق بالندم والهم بالفرح
عوالم تشعر فيها ان لا حجاب بينك وبين من تسأل... من تعبد .. من تحب
حينها تدرك بأن هذه الحسناء ما كانت إلا باباً تلج به إلى ملكوت الحب والعطاء والرضا والرجوع
ما كانت إلا قبلة للقلوب ومستودعاً للبوح
ما كانت إلا نورا من باريها …
جعلها لهؤلاء العاشقين الهائمين الغارقين في بحرِ هوً ما من هوً أصفى منه ولا أطهر
جعلها لهؤلاء الطالبين قربه .. الطالبين رضاه .. الطالبين حبه
تبتسم روحي بعد هذا اليقين، وتدرك أن موعد الفراق قد حان …
فتطرق وتناجي ربها أن أنعم علي بدوام الوصال ..
ولا تحرمني لذته بتصقير أو بذنب أو ببخس لحق تلك الحسناء ودارها …
وسامحني إن هجرتها يوما أو قصرت في حقها …
ولا تغلق لي ذا الباب
فوحقك لو ولج من محب لما اختار غيره