في هذه الخطبة العميقة والمليئة بالعبر، يقدم الشيخ عبد الحميد كشك "قصة الملائكة كاملة"، حيث يتناول الشيخ في أسلوبه الرائع والمهيب قصة خلق الملائكة ودورهم العظيم في الكون، موضحًا كيف أن هؤلاء المخلوقات العظيمة، التي لا تعصي الله أبدًا، لها مهام متعددة وهامة في تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى.
يبدأ الشيخ كشك خطبته بتوضيح أن الملائكة هم مخلوقات نورانية خلقها الله من أجل أداء مهام معينة في الكون، واصفًا كيف أنهم لا يتخذون لأنفسهم إرادة أو اختيارًا، بل يسيرون على أمر الله بلا تردد. يذكر الشيخ كيف أن الملائكة لا يتوقفون عن أداء مهامهم، من حمل العرش، إلى نزول الوحي على الأنبياء، إلى محاسبة الناس في الآخرة. يُوضح الشيخ أهمية الملائكة في تنفيذ مشيئة الله على الأرض وفي السماوات، ويبين أن بعض الملائكة موكلون بمهام عظيمة، مثل جبريل عليه السلام الذي ينقل الوحي من الله إلى أنبيائه، وميكائيل الذي يرسل رزق الله، وملك الموت الذي يقبض الأرواح.
ثم يتناول الشيخ كشك قصة خلق الملائكة وأول لحظة خلقهم، حيث يذكر كيف أن الله خلقهم قبل البشر، وأعطاهم القدرة على السمع والطاعة لأوامر الله دون خطأ أو تقاعس. يُوضح الشيخ أن الملائكة في البداية لم يعرفوا الغرور أو التمرد، بل كانوا في حالة من العبادة الدائمة لله، محقِّقين العبودية الكاملة والمثالية. يذكر الشيخ أيضًا أن الملائكة يشهدون في الآخرة أمام الله على أعمال البشر، حيث يقدمون تقارير عن الأعمال الصالحة والسيئة التي قام بها الإنسان.
الشيخ كشك ينتقل بعد ذلك للحديث عن موقف الملائكة في معركة بدر، حيث نزلوا للقتال بجانب المسلمين، وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى أرسلهم ليعززوا المؤمنين، ويقوي عزائمهم في المعركة ضد قريش، مشيرًا إلى كيف أن هذه اللحظة تمثل مثالًا على العلاقة الخاصة بين الملائكة والمخلصين في دين الله. كما يتحدث الشيخ عن الملائكة التي تواكب الإنسان في حياته اليومية، وكيف أن هناك ملائكة يحفظون البشر من شرور الشياطين، ويكتبون الأعمال الطيبة والسيئة.
الشيخ كشك لا ينسى أن يذكر قصة إبليس وتمرده على الله، الذي كان من الملائكة قبل أن يرفض السجود لآدم عليه السلام، حيث يوضح الشيخ كيف أن إبليس اختار التمرد على الله ورفض أن يعترف بعظمة الله، مما أدى إلى طرده من رحمة الله. يربط الشيخ هذه القصة بفكرة أن الكمال في العبادة لا يعني التمرد أو الغرور، بل الاستمرار في طاعة الله، مثل الملائكة التي لا تعصي أمر الله أبدًا.
في ختام الخطبة، يتوجه الشيخ كشك إلى المستمعين برسالة عظيمة حول كيفية أن يكون الإنسان مثل الملائكة في طاعته لله، بعيدًا عن الكبر أو الغرور، ويحثهم على أن يكونوا من الذين يسيرون على نهج الملائكة في العبادة والتقوى. يذكرهم أن الطاعة لله هي الطريق الذي يجلب رضا الله ويقود إلى الجنة، حيث يعيش الإنسان في أجواء من النور والرحمة كما كان حال الملائكة الذين لا يعرفون إلا العبادة والطاعة.
الخطبة تُعدّ من أقوى الخطب التي تُبَيِّن عظمة الملائكة ومكانتهم في الدين الإسلامي، وتُحفِّز المسلمين على الاقتداء بهم في طاعة الله، كما تذكّرهم بحقيقة التوبة والعمل الصالح.