انزلاق النخب دفاعاً عن حزب الله
بعد مرور عشرة أيام تقريباً على اغتيال حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، تجدد الجدل في أوساط نخب التيارات الإسلامية من مثقفين ومشايخ؛ فانشغلوا بجواز الترحم على الرجل أو وصفه بالشهيد أو اعتباره حليفاً حقيقياً للفلسطينيين في غزة وخارجها. فلماذا تجدد هذا الجدل؟
في ١ أكتوبر صدر العدد الأخير من مجلة ”أنصار النبي عليه الصلاة والسلام“ الصادرة عن ”الهيئة العالمية لأنصار النبي“ التي يترأسها الشيخ محمد الصغير. غلاف العدد كان صورة لحسن نصر الله وعنوان ”حسن نصر غزة.“ لا يبدو أن أحداً التفت إلى ذلك حينها. لكن في ٩ أكتوبر، أصدرت الهيئة ما أسمته ”بيان علماء الطوفان“ وقالت إنه رد على ”نداء أبي عبيدة“ المتحدث باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحماس في كلمته الأخيرة بمناسبة الذكرى الأولى لحرب غزة. أبرز ما جاء في هذا البيان هو تمرير فتاوى تتعلق ”بالجهاد“ في فلسطين أو من أجل فلسطين. فجاءت الفتوى بأن ”الجهاد في فلسطين جهاد دفع وهو واجب عيني.“ لكن مع ملاحظة أن هذا الجهاد لا يكون بالضرورة بالسلاح حيث أن ”للجهاد المعاصر أشكال عدة“ منها المسلح والمالي والإعلامي.
لم يأتِ البيان على ذكر إيران أو حزب الله. واكتفى بالإشارة إلى أنه ”يثمّن“ أي إسناد موجه ”للمقاومة.“
بعد أن نشرت الهيئة هذا البيان، التفت الجميع على ما يبدو إلى غلاف المجلة الصادرة عنها والتي يشرف على تحريرها محمد إلهامي، فوجهوا النقد للهيئة والعاملين عليها. يتلخص هذا النقد فيما قاله بسام صهيوني عضو مجلس أمناء الهيئة. قال: ”نصرة غزة ليست صك غفران لمن أساء لجانب النبي صلى الله عليه وسلم.“ في تبرير الغلاف والموقف، اتهم إلهامي مثيري الجدل بأنهم يتبعون جهات استخباراتية، وبالتالي مواقفهم مشبوهة. إلهامي نفى أن يكون الغلاف ”لتمجيد وتلميع“ نصرالله. بل على العكس. بطريقة ملتوية، اعتبر إلهامي أن العنوان فيه مذمة لنصرالله. فقال إن تغيير الاسم من ”حسن نصر الله إلى حسن نصر غزة“ فيه ”حط وانتقاص من حسن نصر الله إذ هو لم ينصر الله بل نصر غزة وحدها، بينما عادى الله وقاتل عباده في الشام.“
لكن إلهامي أصر أنه لم يرتكب خطأ. وأن نصرالله نصر غزة حقاً. وهذا ما كرره محمد الصغير، رئيس الهيئة، الذي قال إن ”للحق وجوهاً متعددة.“ ومن ذلك أنه ”لا ينسى تاريخ حسن نصرالله ومجازره في سوريا وغيرها.“ لكنه في الوقت نفسه لا ينسى أن نصرالله قُتل ”لإسناده غزة.“
رد عليه هاني السباعي في خطبة الجمعة ١١ أكتوبر. السباعي خاطب الصغير والهيئة متسائلاً: ”ألا تستحون؟! … وكأن قتل المسلمين في سوريا والعراق شيئ عادي!“
وهنا انتقل السباعي إلى توصيف ”الانتصار“ الذي يقول به أنصار حماس وحزب الله. يقول: ”انتصار آيه؟ ده دمار وقتل.“
وفي هذه المسألة تحديداً نذكر ما قاله طارق عبدالحليم في حسابه على التلغرام. قال: ”المشكلة أن العامة، ومن ورائهم الإعلام المضلل، ومن ورائهم رؤوس الكارثة (مكتب حماس والفصائل)، ومن ورائهم إعلام إيران وأذرعتها، قد استغلوا سطوة الضربة الأولى (٧ أكتوبر) وحرفيتها، التي لا نماري فيها، وإصابتها غرور المحتل، فنسجوا بها ثوبا سموه ‘النصر‘ يغطي على كافة ما يأتي بعدها من مصائب وكوارث عامة، لا يتخيلها عقل … هذا الغطاء، قد صيروه كفناً، يتدثر به عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والعجائز، الذين لا حيلة لهم ولا مهرب ولا مخبأ، إلا مواجهة الموت.“
حراس المسرى
مع كل الجدل الدائر حول حماس وتصدرها مشهد الحرب في غزة، حاملة وزر علاقتها الإيرانية، بدأ البعض يتحدث عن جماعات أخرى تشارك في الحرب ضد إسرائيل. تبرز منها جماعة سرية حراس المسرى التي تستمر في توثيق هجماتها ضد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة للشهر الثاني على التوالي.
ظهرت هذه الجماعة على التلغرام في أغسطس الماضي بنشرات أرشيفية من هجمات ضد إسرائيل تعود إلى عامين. البيان رقم ١ لها كان في ٧ أغسطس ٢٠٢٢ توثيقاً لهجمات صاروخية في محيط غزة. فمن هي هذه الجماعة؟
بعض أنصار القاعدة كانوا قالوا إنها تتبع ”جيش الأمة في بيت المقدس.“ لكن الأرجح أنها مختلفة. جيش الأمة كان صرّح أن لا علاقة تنظيمية تربطه بالقاعدة. أما هذه الجماعة، فنشرت في ٥ سبتمبر الماضي بياناً يوضح هويتها التنظيمية. لم يذكر البيان تنظيم القاعدة لا نفياً أو تأكيداً؛ في المقابل، قال البيان إنه يرفض تنظيمات مثل داعش. البيان رفض أيضاً أي علاقة مع إيران أو حزب الله. في المقابل، خلا البيان من أي إشارة إلى فلسطين كوطن أو جغرافيا؛ فمشروع الجماعة يهدف إلى ”إعلاء كلمة الله وتحكيم شريعته في الأرض، ونصرة للمسلمين والمستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.“
هجمات القاعدة في غرب إفريقيا
تواصل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، جناح القاعدة في غرب إفريقيا، شن هجمات منسقة ضد الجيش وقوات فاغنر الروسية في مدينة بير قرب تمبكتو وسط مالي.
مما نشرته الزلاقة، الذراع الإعلامية لجماعة نصرة، ووسائل إعلامية معنية بالمنطقة، يبدو أن الهجمات بدأت يوم ٦ أكتوبر في بير. الجيش المالي قال إنه صد الهجوم وقتل أحد قيادات نصرة واسمه جليبيب الأنصاري العزة ولد يحيى. الزلاقة وصفت الأنصاري بأنه ”أمير سرية القدس“ في الجماعة. أتبع ذلك هجوم انتحاري مركب نفذه يوم ٨ أكتوبر ثلاثة انتحاريين يركبون عربات مفخخة. الزلاقة نشرت صورهم وهم: أبو عمر الفولاني، وجلال الدين الطارقي وإدريس الطارقي. وبالتزامن مع هذا، أطلقت الجماعة صواريخ غراد على مطاري تمبكتو وغاو العسكريين. هذه الهجمات المتزامنة والمنسقة تأتي تذكيراً باقتحام جماعة نصرة مطار باماكو الدولي في ١٧ سبتمبر الماضي.
إيرلندا ”ملعب“ للجواسيس الروس
انشغلت الصحافة الإيرلندية هذا الأسبوع بعنوان ”إيرلندا ملعب للجواسيس الروس.“
بدأت القصة عندما كشفت صحيفة Sunday Times البريطانية ن أن برلمانياً إيرلندياً تعاون مع الاستخبارات الروسية في تجنيد أعضاء آخرين إبان مفاوضات البريكسيت.
اللافت أن بعض المسؤولين الإيرلنديين لم يبدوا استغراباً فاعترفوا بضعف الإجراءات الأمنية في هذا البلد الأوروبي الذي يُعد قبلة القارة التكنولوجية. في إيرلندا عدد كبير من الشركات الأمريكية العالمية والتقنية مثل أبل. وهكذا، يجد الروس أن إيرلندا توفر إمكانيات عالية وأمنيات منخفضة. وهو ما يشكل قلقاً لحلف الناتو. فثمة اعتقاد أن روسيا لا يمكن أن تتفوق على القوة العسكرية للناتو في حرب تقليدية لكن الحساب مختلف عندما يتعلق الأمر بحرب ”هجينة“ أي خليط من التجسس وبث الدعاية المغرضة والأخبار الزائفة والهجمات السيبرانية، واغتيالات.
فشل أمريكا في حماية الأفغان على أراضيها
أعلن مكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكية FBI اعتقال أفغاني بتهمة التخطيط لهجوم يوم الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. السلطات الأمريكية قالت إن المعتقل، ناصر أحمد توحيدي، أقر بولائه لداعش خراسان. في التفاصيل أن توحيدي وصل إلى أمريكا في سبتمبر ٢٠٢١ بعيد سيطرة طالبان على الحكم في كابول. بدأت الشكوك تحوم حوله عندما عرض ممتلكات خاصة للبيع على الفيسبوك؛ وبعد أن استعرض متاجر لشراء بنادق أوتوماتيكية.
في هذه القصة أمران لافتان بحسب ما نقله باحثان. أولاً، قال آرون زيلين في موقع Jihadology إن هذه ليست أول مرة يُعتقل فيها أفغاني في أمريكا بتهمة الانتماء إلى داعش مضيفاً أن هذا الحدث المتصل بتهديد داعش خراسان للأراضي الأمريكية هو الثامن من نوعه منذ ٢٠١٦. ومن هنا يظهر أثر هذا الفرع في التخطيط لهجمات خارج خراسان التقليدية: أفغانستان، باكستان. هذا الفرع كان مسؤولاً عن هجوم موسكو في مارس الماضي.
الأمر الثاني هو ما نقله الصحفي الأفغاني بلال صرواري عندما قال إن توحيدي كان يعمل في أفغانستان مع الاستخبارات الأمريكية CIA في ٢٠١٩، وإنه تم إجلاؤه وأهله إلى أمريكا بعد سيطرة طالبان. في أمريكا، نجح في متطلبات الإقامة لكنها تأخرت على ما يبدو.
يعلق صرواري أن فشل السلطات الأمريكية في متابعة شؤون من عملوا معهم في أفغانستان يجعل هؤلاء الأفغان هدفاً سهلاً لأطراف أكثر من داعش؛ فهناك شبكة حقاني وطالبان أنفسهم. يضيف صرواري أن بعض هؤلاء الأفغان الذين ضاقوا ذرعاً بالوعود الأمريكية اختار الانتحار أو العودة إلى أفغانستان حيث تقتص منهم طالبان.
من ناحية أخرى، نقل صرواري أن المئات من سجناء داعش هربوا من السجون الأفغانية عندما سيطرت طالبان على الحكم في أغسطس ٢٠٢١. عددهم كبير منهم وصل إلى دول غربية منها أمريكا ومنهم قياديون معتبرون مسؤولون عن التخطيط لهجمات انتحارية شديدة. وعليه، أي من هؤلاء سيكون في موقع جيد للتخطيط لهجمات في المستقبل. وهذا يذكر بما كشفت عنه الباحثة فيرا ميرونوفا العام الماضي عندما قالت إن دواعش ”سابقين“ من القوقاز تحديداً كانوا يحاولون التسلل إلى أمريكا من جهة المكسيك.
هدم ‘صرح الخلافة‘ في الواقع والمواقع
في ظل اختفاء مؤسسة ”إنتاج الأنصار“ التابعة لداعش، يكتب حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي مجدداً عن فوضى إعلام التنظيم. مرد المناوشات هو تأخر رجوع القنوات التي تحوي المواد الأرشيفية التابعة للتنظيم ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية بعد الحذف على التلغرام ومنصات أخرى. يقول الحساب إن خلافا نشب بين إنتاج الأنصار وصرح الخلافة وهي الجهة الرسمية المعنية بالأرشيف. السبب في هذه الخلافات هو ”التباين العقائدي“ بين القائمين على هذه المنصات. يقول الحساب: ”الأمر الفاضح هو أن ديوان الإعلام الذي يعلم علم اليقين بهذه التحزبات والصراعات والتكفير والتخوين … (لكنه) غير قادر، بل ولا يجرؤ على حسم الأمر … لأن في ذلك هدم لـ ‘صرح الخلافة‘ في الواقع والمواقع.“