فإن الله فرض الصلاة وجعلها في خمسة أوقات في اليوم والليلة، ووزعها وبين أوقاتها، ولذلك فمن غيرها عن أوقاتها يعد متعديًا ظالمًا لنفسه باخسًا للصلاة، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر»، فيجب أن تُصلى الصلوات في أوقاتها على الجماعة، ومن تخلف عن ذلك فسينال جزاءه في الدنيا والآخرة، ويجب على أئمة المساجد وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرهم ممن يهمهم أمر الإسلام والمسلمين أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، وأن يخبرونا بجميع من يتخلفون عن الصلوات، أو يتعاطون المنكرات، وبهذا تبرأ ذمتهم ونكون نحن المسئولين أمام الله إن لم نجلد من يستحق الجلد ونحبس من يستحق الحبس وننفي من يستحق النفي.
واعلموا أن الدين النصيحة، وأنه يجب على كل فرد منا أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على حد قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه»، فكل إنسان في وقتنا الحاضر يستطيع أن يغير ولو على الأقل بلسانه.
واعلموا أنه يجب على الإنسان أن يأمر بالصلاة كل من يقدر على أمره، فيأمر زوجته بالصلاة ويحضها بالرغبة أو بالرهبة؛ فإن أصرت على ترك الصلاة طلقها في أصح قول العلماء، ويأمر أبناءه وأسرته ومن يقدر عليه وإن لم يفعل ذلك عزر، قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: ١٣٢]، وينبغي أن يشنع بمن ترك الصلاة وينفر عنه، ولا يعد ذلك نميمة؛ لأنه تحذير للناس من تركها.
فيا أيها المسلمون:
إن من لم يحافظ على أركان الإسلام وأهمها الصلاة فإنه في خطر، ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ [الإسراء: ٧٢].
واعلموا أن يد الله على الجماعة، وأن من شذَّ شذَّ في النار، وأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن أحسن الحديث كتاب الله، واسألوا الله أن يؤلف قلوب المسلمين، وأن يوحد كلمتهم، وأن ينصرهم على أعدائهم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم وحد كلمتهم وقيادتهم، اللهم ابعث لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم اشف مرضانا ومرضاهم، وفرج كربهم، ويسر لهم أمورهم يارب العالمين، اللهم ولِّ علينا خيارنا، وكفّ عنَّا شرارنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله:
﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمْ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [النحل:٩٠- ٩١].
فاذكروا الله التواب الرحيم يذكركم، واشكروه على فضله ومنّه وكرمه وجوده وإحسانه يذكركم ويزيدكم، ولذكر الله أكبر، والله خبير بما تخفون وما تعلمون.