ودّع لبنان أمس في مأتم رسمي وشعبي حاشد البطريرك السابق للكنيسة السُريانية المارونية، الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير.
ونصر الله بطرس صفير الذي توفي يوم الأحد الفائت عن 99 عاماً ترأس الكنيسة المارونية منذ عام 1986 ولغاية استقالته عام 2011 بسبب تقدمه في السن.
ولم يكن البطريرك صفير، أسوةً بالبطاركة الموارنة بشكل عام، قائداً روحياً فقط إذ قام بدور سياسي رئيسي في وطن الأرز. فهو من وفّر الغطاء المسيحي الأبرز عام 1989 لاتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب اللبنانية، على الأقل في شقها الداخلي، برعاية سعودية ودعم أميركي وسوري، ما وضعه في مواجهة مفتوحة مع رئيس الحكومة العسكرية آنذاك، قائد الجيش العماد ميشال عون ذي الشعبية الواسعة، لاسيما في أوساط المسيحيين.
وكان البطريرك صفير من طالب عام 2000 بانسحاب الجيش السوري من لبنان بعد أن انسحب الجيش الإسرائيلي منه، وكان معارضاً شديداً لهيمنة النظام السوري، برئاسة حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار، على لبنان.
ففي أيلول (سبتمبر) 2000، بعد شهريْن على الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، أصدر الأساقفة الموارنة برئاسة البطريرك صفير نداءً تاريخياً طالبوا فيه بإعادة انتشار الجيش السوري في لبنان تمهيداً لانسحابه بشكل كامل عملاً بالقرار الدولي رقم 520 واتفاق الطائف، والمحافظة على ما بين لبنان وسوريا "من روابط تاريخية وجغرافية، وبين شعبيهما من وشائج قربى ونسب وصداقة ومصالح مشتركة. وفي اعتقادنا أن هذا هو السبيل الوحيد للحيلولة دون تفكك لبنان وزواله. وهو إذا كان متعافياً كان عوناً لسوريا، وأما إذا ظلّ عليلا كان عالة عليها. ونحن نريد له ما نريده لسوريا من عزة وكرامة وازدهار وسلام".
حديث بين البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله بطرس صفير والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مقر البطريركية المارونية في بكركي شمال شرق بيروت في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 (Joseph Barrak / AFP / Getty Images)
ورعى البطريرك صفير مع الزعيم الدرزي الأبرز في لبنان، رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، في آب (أغسطس) 2001 "مصالحة الجبل" التي طوت صفحة دامية من الحرب الأهلية.
وحصل تقارب شديد في الموقف من الوجود العسكري السوري في لبنان بين البطريرك صفير ووليد جنبلاط ورئيس الحكومة رفيق الحريري، ذي الشعبية الأوسع في أوساط المسلمين السنة.
وبعد خروج الجيش السوري من لبنان في نيسان (أبريل) 2005، بعد ثلاثة أشهر على اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، انتقد البطريرك صفير بشدة رفض تنظيم "حزب الله" اللبناني المدعوم من إيران التخلي عن سلاحه، معتبراً أن السلاح يجب أن يكون حصراً بيد الدولة.
وفي إطار جولاته الرعوية على بلاد الانتشار اللبناني زار البطريرك صفير كندا في آذار (مارس) 2011. ولأتباع الكنيسة المارونية في كندا حضور واسع وفاعل وقديم.
والكنيسة السريانية المارونية كنيسة مشرقية كاثوليكية، يقع مقرها الرئيسي في بكركي في لبنان، شمال شرق العاصمة بيروت، ولها أيضاً مقر صيفي في بلدة الديمان في جبال شمال لبنان.
الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مستقبلاً البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله بطرس صفير في قصر الإليزيه في باريس قبل عقد اجتماع معه في 16 حزيران (يونيو) 2010 (Lionel Bonaventure / AFP / Getty Images)
ما هو إرث البطريرك نصر الله بطرس صفير الذي يصفه الكثيرون بـ"رجل الاستقلال الثاني"؟ طرحتُ السؤال على الصحفي الكندي اللبناني الدكتور ابراهيم الغريّب، رئيس تحرير مجلة "المستقبل الكندي" الشهرية الصادرة في مونتريال ومنسق الإعلام في تيار "المستقبل" اللبناني، حزب رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، في مقاطعة كيبيك.
(أ ف ب / نهارنت / راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
البطريرك الماروني في الأراضي المقدسة
زيارة تاريخية للبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى كندا
استمعواAR_Entrevue_3-20190517-WIA30