https://patreon.com/jadghosn
كثيرة هي الدول التي لجأت الى برامج صندوق النقد الدولي لمعالجة أزمات مالية مرت بها، وبعض الدول لأكثر من مرة.
يفتخر صندوق النقد بقصص النجاح التي تمكن من خلالها من مساعدة دول باتجاه التعافي المالي والاقتصادي كجمايكا على سبيل المثال التي وصل حجم دينها عام 2013 الى نحو 150% من حجم اقتصادها وبلغت احتياطاتها مستويات منخفضة ما رفع من أكلاف الاستدانة من قبلها. بعد خمس سنوات من بدء تنفيذ برنامج مع صندوق النقد انخفض الدين الى أقل من 100% من حجم الاقتصاد عام 2018 وبدأت مستويات الاحتياطي بالتحسن.
مثال من أمثلة عدة يقدمها الصندوق كقصص نجاح لبرامجه، غير أن الحقيقة الكاملة أكثر تعقيداً.
فمن بين 763 برنامج للصندوق مع دول مختلفة بين عامي 1980 و2015، 512 شهدت تعثرات من ضمنها 291 برنامج لم يستكمل. فيما نسبة فشل برامج الصندوق نحو 58%.
-أولاً، بنية الصندوق المؤلفة من 9 أقسام كقسم تطوير السياسات وقسم الشؤون المالية أو قسم الأسواق المالية وغيرها..
وليوافق الصندوق على برنامج مع دولة ما على هذا البرنامج أن ينال موافقة الأقسام التسعة ذات المهام المختلفة، ما يؤدي الى حشر الأولويات المختلفة في برامج تصبح بذلك مبالغة في الطموح.
-ثانياً، المشروطية. يضع الصندوق شروطاً يصفها بالاصلاحية فيما تشير دراسة نشرها موقع the conversation الى أن كل شرط يضيفه الصندوق يزيد من احتماليات فشل البرنامج بنسبة تفوق ال1% وغالباً ما تتخطى شروط الصندوق ال22 شرطاً.
-ثالثاً، طبيعة الشروط التي عادة ما تأتي لتحرير الأسعار وإلغاء الدعم وخفض عدد الموظفين في القطاع العام بالتوازي مع سياسات تقشفية في بلدان تشهد على أوضاع اجتماعية صعبة، الأمر الذي يفاقم من عدم الاستقرار السياسي على المستوى المحلي مع المعارضة الاجتماعية لتطبيق شروط كهذه.
-رابعاً، ضعف الموقع التفاوضي للحكومات المحلية في مقابل الصندوق بما أن أغلبها تكون بحاجة ماسة للتمويل ما يجعلها تقبل ببرامج وشروط من دون قدرة على المقاومة.
-خامساً، الى جانب البعد التقني لدى الصندوق بعد سياسي يلعب دوراً في سرعة تدخل الصندوق مقابل تباطؤه في أمكنة أخرى، تصلبه أحياناً وليونته أحياناً أخرى، وهو بعد في تركيبة الصندوق سنأتي على تفصيله في تقرير خاص.
كل ما تقدم يشير الى أن صندوق النقد الدولي ليس بخير مطلق ولا بشر مطلق وشروط إنجاح برامجه تعتمد بشكل أساسي على البنية السياسية للبلد المستهدف وضوح ووحدة رؤية فريقه المفاوض والحوار الاجتماعي حول السياسات المالية والاقتصادية المزمع استهدافها، وهذه شروط لا تبدو متوافرة في الجانب اللبناني حتى الساعة.
على الدعم لإيصال الرسالة في ما يتعلق بصندوق النقد الدولي وحقوق السحب الخاصة.