ترحُّلُ العرب، سرٌّ من أسرار تاريخ لم يدوَّن. في الأصقاع، تنقّل أجدادنا البعيدون، بدون أي قطعة سلاح، للدفاع عن أنفسهم. أهلَ سلامٍ كانوا، وأهلَ سلامٍ عبروا، وأهلَ سلامٍ حلّوا. كتاب الرحل العربي، كتبه البدوُ لحماية الحضارة.

فارس الشعراء وشاعر الفرسان بدأ صبياً شاعراً وانتهى في أروع قصص فروسية العرب.

مثال نادر في مدونات العربية، يجمع بين مجد الروم ومجد العرب، ففاخر بهما، ووحّدهما، في نسبه، عندما صارت اللغة العربية، أصله العائلي الذي يتباهى به على الأمم، فقال: فإن أُصبحْ بلا نسب فعلمي في الورى نسبي

أعرابيٌّ طُمِسَت هُويّتُه، لأسباب لا تخفى. حِطَّان بن المعلّى، بدويٌّ لسانُه أرقّ من قلب أُمّهات!

عرب تخاف البحر، لكنّها سمّت كل آلاته، فأين هي الحقيقة، إذن، وجاهليّ يقول بالحرف الواحد: ملأنا البَرَّ حتى ضاق عنّا وظَهرَ البحرِ نملؤه سفينا

هل هو كذلك؟ أم هو ابن سيّدة؟ أم ابن سيِّدِهِ؟ضبطُ الأسماءِ في العربية، متعة ذهنية لا حدود لها، فلم لا يكون ابن سيِّدِه؟

قصة الأضداد في العربية. بلاغة وتوسّع في الكلام غلب عليه المجاز واختلاف اللسان..

النّحو، لم يكن فحسب، قصة لغة، إنه بالنسبة للعربي، حارس أمين. ولهذا رفع النّحو ووضع الناس، من أعلى إلى أسفل، أو العكس. وأصبح الخطأ فيه، عيباً يلازم صاحبه أبد الدّهر.

قصة اللغة العربية التي يتحرك أبطالها على مسرح التاريخ، دائماً ما يُروى فيها بأن أصل النحو وتحقيقه، لا سبيل إلى معرفته.

القصة الحزينة لأولئك الذين رفدوا أهل اللغة والنحو والمعجمات، بالعربي الفصيح، ثم تلاشوا في غياهب النسيان، جنودا مجهولين في تاريخ اللسان العربي.