إن الله سمى نفسه: الحميد، وهو مأخوذ من الحمد، والحمد نقيض الذم، وهو بمعنى الشكر والثناء, والمكافأة على العمل, فهو الحميد في أقواله وأفعاله، وفي شرعه وخلقه، وهُو المحمُود بكُل لسان، المعبود بكل آن، المستحق للحمد من كل إنسان.
وإن لاسم الله الحميد معان عظيمة، ودلالات كبيرة تدور بين الفضل والشكر منها:
أنه -سبحانه- الحميد الذي يوجه عباده إليه الحمد في السراء والضراء؛ لأنه أنعم عليهم واجتباهم، وأسكنهم رضوانه واصطفاهم، قال –تعالى- عنهم: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) [فاطر:34]، وقال: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف:43].
ومن دلالاته: أنه لا ينبغي صرف الحمد إلا له، فهو من بسط لهم من فضله، وأغدق عليهم جزيل عطائه، فله جميع المحامد بأسرها؛ لأنه بدأ فأوجد، وخلق ورزق، وأنعم وأحسن، لا إله إلا هو، ولا رب سواه، كثرت مننه حتى فاتت العد, فمن ذا الذي يستحق الحمد سواه؟ بل له الحمد كله لا لغيره, كما أن المن منه لا من غيره.
قال ابن القيم:
وهو الحميد فكل حمد واقع *** أو كان مفروضًا مدى الأزمان
ملأ الوجود جميعه ونظـيره *** من غير ما عد ولا حسبــان
هو أهله سبحانه وبحمده *** كل المحامد وصف ذي الإحسـان
ومن دلالاته: أن يوفّق عباده للعمل برضاه، واختيار الطيب من القول والفعل، واتباع الطريق الذي اختاره لهم، قال -تعالى-: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) [الحج: 24].