Share اسماء الله الحسنى
Share to email
Share to Facebook
Share to X
اسم الحكيم، اسمٌ ساقه الله في القرآن في واحد وتسعين موضعًا، وفي جميع المواضع يقرنه باسم آخَر من أسماء الله تعالى، فتارة مع العزيز، وتارة مع العليم، وتارة مع الخبير، أو مع غيرها من أسماء الله الحسنى.
والحكيم: الذي يضع الأمور في مواضعها، ويوقعها مواقعها، ولا يأمر إلا بما فيه الخير، ولا ينهى إلا عما فيه الشر، ولا يعذب إلا من استحق، ولا يقدر إلا ما فيه حكمة وهدف، فأفعاله سديدة، وصنعه متقن، فلا يقدِّر شيئاً عبثاً، ولا يفعل لغير حكمة؛ بل كل ذلك بحكمة وعلم، وإن غاب عن الخلائق.
خلق الخلق لحكمة، وقدّر الموت والحياة، والجنة والنار، لحكمة شريفة وهي العبادة، فيتبين في الميدان المطيعُ من العاصي، والشكورُ من الكفور، ومَن ظن الله يخلق بلا حكمة ويُقدِّر بلا هدف ويأمر بلا مصلحة فقد ضل وما هدى، وأخطأ وأساء
الله عزَّ وجل هو التَّوَّابُ الذي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عَبادِه، فَمَا مِنْ عَبْدٍ وقع في الذنوب صغيرها وكبيرها ثُمَّ رجع وتاب إليهِ سبحانه، إلَّا قبِل توبته وتاب عليه وفَتَحَ له أبْوَابَ رحمته، ما لمْ يُدْرِكْه الموتُ ولم تبلغ روحُه الحُلْقُوم. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَال: (إِنَّ الله يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْد مَا لَمْ يُغَرغِرْ) رواه الترمذي وحسنه الألباني. قال ابن بطال: " وقد ثبت بالكتاب والسنة أن التوبة مقبولة ما لم يغرغر ابن آدم، ويعاين قبْض روحه".
ومِن المعلوم والمُجْمَع عليه عند أهل السُنَّة أن أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل والاجتهاد فيها، يجب الوقوف فيها على ما جاء .به القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، فلا يُزاد فيها ولا يُنْقَص
ورد اسمه”العليم” في مائةٍ وسبعةٍ وخمسين موضعاً من الكتاب؛ منها:
قوله تعالى: (قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة: 32).
قال عبدالرحمن السّعدي: وهو الذي أحَاطَ علمُه بالظَّواهر والبَواطن؛ والإسْرار والإعْلان، وبالواجِبات والمُسْتحيلات والمُمْكنات، وبالعَالم العلوي والسُّفلي، وبالمَاضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيءٌ مِنَ الأشْياء.
جاء في القرآن تسع مرات منها: قوله تعالى: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 115). وقوله:(وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 247)
معنى “الواسع” في حق الله تبارك وتعالى: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: (إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) أي : جواد يسع لما يُسأل. قال ابن جرير: (إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ): يعني جل ثناؤه بقوله”واسع” يَسَعُ خَلقه كلهم بالكفاية والإفضال والجود والتدبير.
وقال: (وَاللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ): واللهُ واسعٌ بفضله فينعم به على مَن أحب، ويريد به من يشاء،”عليم” بمن هو أهلٌ لمُلكه، الذي يؤتيه وفضله الذي يعطيه، فيُعطيه ذلك لعلمه به؛ وبأنه لما أعطاه أهل، إما للإصلاح به، وإما لأنْ ينتفع هو به
قال ابن جرير رحمه الله:”حليم” يعني أنه ذُو أناة، لا يَعْجل على عباده بعقُوبتهم على ذُنوبهم. وقال في موضع: حَليماً عمَّن أشْرك وكفرَ به مِنْ خَلْقه، في تركه تعجيلُ عذابه له.
قال الخطّابي: هو ذُو الصَّفح والأناة، الذي لا يستفزُّه غَضبٌ، ولا يَستخِفُّه الصَّافح – مع العجز – اسم الحِلْم، إنّما الحليمُ هو الصَّفُوحُ مع القُدْرة، والمتأنّي الذي لا يَعجلُ بالعقوبة.
قال ابن الحصّار: فإنْ قيل: فكيف يتضمّن الحِلْم الأناة، وقد قال رسول الله ﷺ لأشجّ عبد القيس:” إنَّ فيك لخَصْلتين؛ يُحبُّهما الله: الحِلْمُ والأناة”. فعدّدهما؟ فاعلم أنَّ الأناة قد تكون مع عدمِ الحلم، ولا يصحّ الحلمُ أبداً إلا مع الأنَاة، والأناة تركُ العَجلة، فقد تكون لعارضٍ يعرض، ولا يكون الحلمُ أبداً إلا مُشتملاً على الأناة، فتأمّله ! وكذلك لا يكون الحليم إلا حكيماً، واضعاً للأُمور مواضيعها، عالماً قادراً، إنْ لم يكنْ قادراً كان حِلْمه متلبّساً بالعجز والوهن والضعف، وإنْ لم يكن عالماً (كان) تركه الانْتقام للجَهل، وإنْ لم يكنْ حِكيماً؛ ربّما كان حِلْمه مِنَ السَّفه؛ وتتبع أمثال هذا.
قال ابن جرير:”اخْتَلفوا في معنى قوله”العظيم”: فقال بعضهم: معنى العظيم في هذا الموضع: الـمُعظَّم. فقوله العظيم معناه: الذي يُعظِّمه خَلْقه؛ ويهابونه ويتّقونه. وقال آخرون: بل تأويل قوله”العظيم”: هو أنَّ له عظمةً هي له صفة، وقالوا: لا نَصِف عظمته بكيفية، ولكنّا نُضيف ذلك إليه مِنْ جهة الإثْبات، ونَنَفي عنه أنْ يكونَ ذلك على معنى مشابهة العظيم المعروف من العباد، لأنّ ذلك تشبيهٌ له بخَلْقه وليس كذلك.
قال ابن جرير رحمه الله:”وأمّا تأويل قوله: (هو العليِ) فإنه يعني: والله العليّ، والعليّ الفعيل من قولك: علا يعلو علواً، إذا ارتفع فهو عالٍ وعلي، والعلي ذو العلوّ والارتفاع؛ على خَلْقه بقُدْرته. قال الخطابي:”العليُّ”: هو العالي القاهر، فعيل بمعنى فاعل، كالقدير والقادر والعليم والعالم، وقد يكون ذلك من العُلُوِّ الذي هو مصدر علا، يعلو، فهو عالٍ، كقوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه:5). ويكون ذلك مِنْ علاءِ المجد والشرف، يقال منه: علَى يعلىَ علاءً، ويكون الذي علاَ وجلَّ أنْ تَلْحقه صفات الخَلْق؛ أو تُكيِّفهُ أوهامهم” اهـ. وقال البغوي في قوله: (وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ): العالي على كلِّ شيء . وقال ابن كثير:”وقوله: (وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ) (الحج: 62)،كما قال: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة:255)، وقال: (الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) (الرعد:9)، فكلّ شيء تحت قَهْره وسُلطانه وعظمته، لا إله إلا هو؛ ولا ربَّ سواه، لأنه العظيمُ الذي لا أعظمَ منه، العليّ الذي لا أعْلى منه، الكبيرُ الذي لا أكبر منه، تعالى وتقدّس وتنزّه عزَّ وجلَّ؛ عما يقول الظَّالمون المُعتدون؛ عُلُواً كبيراً
قال الخطابي:”القيّوم” هو القائمُ الدائمُ بلا زوال. ووزنه: فيعول؛ مِنَ القِيَام، وهو نعتُ المبالغة في القِيامة على الشيء. ويقال: هو القيِّمُ على كلّ شيء؛ بالرعاية له، ويقال: قمتُ بالشيء، إذا وليته بالرعاية والمصلحة. وقال البيهقي:”القيوم” هو القائمُ الدائمُ بلا زوال. فيرجع إلى صفة البَقَاء، والبقاء صفةُ الذات. وهو على هذا المعنى مِنْ صِفات الفعل. وقال القرطبي:” القيوم” مِنْ قَام، أي: القائمُ بتدبير ما خَلق. وقال السعدي:” الحيُّ القيوم” كامل الحياة، والقائم بنفسه، القيوم لأهل السماوات والأرض، القائم بتدبيرهم وأرزاقهم؛ وجميع أحوالهم، فالحيُّ: الجامع لصفات الذات، والقيّوم: الجامع لصفات الأفعال.
قال الطبري: وأما قوله:”الحيّ” فإنه يعني الذي له الحياة الدائمة، والبَقاء الذي لا أوَّلَ له يُحَدُّ، ولا آخرَ له يُؤْمد، إذْ كان كلُّ ما سواه؛ فإنه وإنْ كان حيّاً فلحياتِه أولٌ مَحدود، وآخر مَأْمود، ينقطع بانقطاع أمَدها، وينقضي بانْقضاء غايتها.
وقال في آية آل عمران: وقال آخرون: معنى ذلك: أنّ له الحياةَ الدائمة؛ التي لم تزلْ صفة؛ ولا تزال كذلك، وقالوا: إنما وَصَفَ نفسه بالحياة لأنّ له حياةً، كما وَصَفها بالعلم؛ لأنّ لها عِلْما، وبالقُدرة؛ لأنّ لها قُدرة.
وقال الزجاج:” الحيُّ” يُفيدُ دوام الوجود، والله تعالى لم يَزلْ موجوداً، ولا يزال موجوداً.
وقال الزجاجي:” الحيُّ” في كلام العرب: خِلافُ الميت، فالله عزّ وجل الحي الباقي، الذي لا يجوزُ عليه الموتُ ولا الفناء؛ عزّ وجل؛ وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.
The podcast currently has 50 episodes available.
31 Listeners
423 Listeners
248 Listeners
1,706 Listeners
153 Listeners
98 Listeners
24 Listeners
16 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
1 Listeners
0 Listeners