
Sign up to save your podcasts
Or
يشرف الرئيس دونالد ترامب، منذ وصوله الى البيت الابيض قبل أكثر من شهر، على أكبر محاولة لتغيير طبيعة الرئاسة الاميركية منذ تأسيس الولايات المتحدة قبل حوالي 250 سنة من خلال التفرد بالسلطة على حساب الكونغرس والقضاء. في الوقت ذاته يقود ترامب انقلابا جذريا في علاقات اميركا بالعالم متجاهلا حلفاء واشنطن في اوروبا في سعيه لتطبيع العلاقات مع روسيا متجاهلا اعتدائها السافر على أوكرانيا.
خلال أول شهر في ولايته الثانية، أوضح الرئيس دونالد ترامب بقراراته التنفيذية وتصريحاته ورؤيته لدوره كمخلص لأميركا من مشاكلها الداخلية، وكمهندس لعلاقات خارجية جديدة، انه يسعى لإدخال تغييرات جذرية وفريدة من نوعها لم يحاول أي رئيس سابق حتى التفكير فيها، مثل تجاهل الكونغرس الذي يسيطر حزب الرئيس على مجلسيه، ومحاولته التهرب من احكام القضاء المستقل. وخلال اسابيع قليلة تخلص ترامب من اجهزة حكومية خلقها الكونغرس دون استشارة الكونغرس، وتسييس وزارات مثل وزارة العدل لخدمة مصالحه، ووسع من صلاحياته التنفيذية، مقتبسا عبارة منسوبة الى نابوليون بونابارت تقول " من ينقذ بلده لا يخالف أي قانون".
قبل أيام لم يتردد ترامب الذي يصف ولايته الثانية "بالعصر الذهبي" الجديد لأميركا، في وصف نفسه بالعاهل الاميركي. وفي مداخلة على شبكة التواصل الاجتماعي التي يملكها تروث سوشال احتفل ترامب بنجاحه فى انهاء أزمة السير في مدينة نيويورك. وبعد ان ادعى انه أنقذ مدينة نيويورك بكاملها أضاف : "عاش الملك". وسارع البيت الابيض لوضع صورة لترامب وعلى وجهه ابتسامة عريضة وعلى رأسه تاج ونشرها على غلاف مماثل لغلاف مجلة تايم مع تغيير اسمها لترامب كتب عليها "عاش الملك" ووضعها على شبكات الاتصال الاجتماعي.
وخلال ايام قليلة بعث ترامب بعدة رسائل الى حلفائه الاوروبيين وتحديدا لأوكرانيا وروسيا ادت حصيلتها الى اصابة قادة القارة بذهول لمواقف لم يتوقعونها من رئيس اميركي. أوفد ترامب نائبه جي دي فانس الى مؤتمر ميونخ الامني ليحاضر على الاوروبيين ويحذرهم من مغبة التصدي للقوى اليمينية والعنصرية في مجتمعاتهم والادعاء ان الخطر الذي يواجهه الحلفاء هو داخلي وليس من روسيا.
ولحق ذلك انحياز ترامب الى جانب روسيا في الحرب ضد أوكرانيا، عقب تراشق بالانتقادات والاهانات بينه وبين الرئيس الاوكراني فلودومير زيلينسكي بعد ان وصف ترامب الرئيس الاوكراني "بالدكتاتور" واتهامه بشن الحرب ضد روسيا بشكل مغاير تماما للحقيقة، لان زيلينسكي قال ان ترامب يردد الاكاذيب الروسية حوله.
ولكن ما يقلق الاوروبيين هو ان مواقف ترامب هي مؤشر واضح بانه يعتزم التخلي عن السياسة الاميركية التقليدية تجاه اوروبا وروسيا التي اعتمدها كل رؤساء اميركا من ديموقراطيين وجمهوريين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والسياسة الاميركية-الاوروبية في دعم اوكرانيا عسكريا واقتصاديا للتصدي للغزو الروسي. ترامب في رؤيته للحرب الروسية- الاوكرانية يرى المعتدي كضحية، والضحية كمعتدي. وانسجاما مع هذا الوصف كان من اللافت ان الولايات المتحدة اعترضت على وصف روسيا "بالمعتدي" في الحرب ضد اوكرانيا في مسودة قرار تعتزم مجموعة الدول الصناعية السبعة اصداره يوم الاثنين في الذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا.
وواصل ترامب هجماته العنيفة ضد الرئيس زيلينسكي على الرغم من الاعتراضات الاوروبية، والانتقادات من اعضاء الكونغرس، ومن بينهم بعض الاعضاء الجمهوريين. وقال في مقابلة مع شبكة فوكس انه يراقب زيلينسكي منذ سنوات" وانا اراقبه يفاوض دون أوراق. هو لا يملك أي اوراق. الامر الذي يدعو للقرف. وانا تعبت منه". واضاف في اشارة ضمنية الى انه يريد التوصل الى اتفاق مع روسيا لانهاء الحرب دون مشاركة اوكرانيا، " لا اعتقد انه (أي زيلينسكي) مهما جدا ليحضر الاجتماعات.. لأنه يزيد من صعوبة التوصل الى صفقات".
التغييرات والاضطرابات والانقلابات على السياسات والاعراف والتقاليد التي تسبب بها ترامب في اميركا وفي العالم في شهر واحد سوف تبقى اثارها ومضاعفاتها لوقت طويل على عالم مذهول يتوقع ما لم يكن متوقعا من أي رئيس غير الرئيس الذي يريد ان ينصب نفسه ملكا على اميركا.
4.7
33 ratings
يشرف الرئيس دونالد ترامب، منذ وصوله الى البيت الابيض قبل أكثر من شهر، على أكبر محاولة لتغيير طبيعة الرئاسة الاميركية منذ تأسيس الولايات المتحدة قبل حوالي 250 سنة من خلال التفرد بالسلطة على حساب الكونغرس والقضاء. في الوقت ذاته يقود ترامب انقلابا جذريا في علاقات اميركا بالعالم متجاهلا حلفاء واشنطن في اوروبا في سعيه لتطبيع العلاقات مع روسيا متجاهلا اعتدائها السافر على أوكرانيا.
خلال أول شهر في ولايته الثانية، أوضح الرئيس دونالد ترامب بقراراته التنفيذية وتصريحاته ورؤيته لدوره كمخلص لأميركا من مشاكلها الداخلية، وكمهندس لعلاقات خارجية جديدة، انه يسعى لإدخال تغييرات جذرية وفريدة من نوعها لم يحاول أي رئيس سابق حتى التفكير فيها، مثل تجاهل الكونغرس الذي يسيطر حزب الرئيس على مجلسيه، ومحاولته التهرب من احكام القضاء المستقل. وخلال اسابيع قليلة تخلص ترامب من اجهزة حكومية خلقها الكونغرس دون استشارة الكونغرس، وتسييس وزارات مثل وزارة العدل لخدمة مصالحه، ووسع من صلاحياته التنفيذية، مقتبسا عبارة منسوبة الى نابوليون بونابارت تقول " من ينقذ بلده لا يخالف أي قانون".
قبل أيام لم يتردد ترامب الذي يصف ولايته الثانية "بالعصر الذهبي" الجديد لأميركا، في وصف نفسه بالعاهل الاميركي. وفي مداخلة على شبكة التواصل الاجتماعي التي يملكها تروث سوشال احتفل ترامب بنجاحه فى انهاء أزمة السير في مدينة نيويورك. وبعد ان ادعى انه أنقذ مدينة نيويورك بكاملها أضاف : "عاش الملك". وسارع البيت الابيض لوضع صورة لترامب وعلى وجهه ابتسامة عريضة وعلى رأسه تاج ونشرها على غلاف مماثل لغلاف مجلة تايم مع تغيير اسمها لترامب كتب عليها "عاش الملك" ووضعها على شبكات الاتصال الاجتماعي.
وخلال ايام قليلة بعث ترامب بعدة رسائل الى حلفائه الاوروبيين وتحديدا لأوكرانيا وروسيا ادت حصيلتها الى اصابة قادة القارة بذهول لمواقف لم يتوقعونها من رئيس اميركي. أوفد ترامب نائبه جي دي فانس الى مؤتمر ميونخ الامني ليحاضر على الاوروبيين ويحذرهم من مغبة التصدي للقوى اليمينية والعنصرية في مجتمعاتهم والادعاء ان الخطر الذي يواجهه الحلفاء هو داخلي وليس من روسيا.
ولحق ذلك انحياز ترامب الى جانب روسيا في الحرب ضد أوكرانيا، عقب تراشق بالانتقادات والاهانات بينه وبين الرئيس الاوكراني فلودومير زيلينسكي بعد ان وصف ترامب الرئيس الاوكراني "بالدكتاتور" واتهامه بشن الحرب ضد روسيا بشكل مغاير تماما للحقيقة، لان زيلينسكي قال ان ترامب يردد الاكاذيب الروسية حوله.
ولكن ما يقلق الاوروبيين هو ان مواقف ترامب هي مؤشر واضح بانه يعتزم التخلي عن السياسة الاميركية التقليدية تجاه اوروبا وروسيا التي اعتمدها كل رؤساء اميركا من ديموقراطيين وجمهوريين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والسياسة الاميركية-الاوروبية في دعم اوكرانيا عسكريا واقتصاديا للتصدي للغزو الروسي. ترامب في رؤيته للحرب الروسية- الاوكرانية يرى المعتدي كضحية، والضحية كمعتدي. وانسجاما مع هذا الوصف كان من اللافت ان الولايات المتحدة اعترضت على وصف روسيا "بالمعتدي" في الحرب ضد اوكرانيا في مسودة قرار تعتزم مجموعة الدول الصناعية السبعة اصداره يوم الاثنين في الذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا.
وواصل ترامب هجماته العنيفة ضد الرئيس زيلينسكي على الرغم من الاعتراضات الاوروبية، والانتقادات من اعضاء الكونغرس، ومن بينهم بعض الاعضاء الجمهوريين. وقال في مقابلة مع شبكة فوكس انه يراقب زيلينسكي منذ سنوات" وانا اراقبه يفاوض دون أوراق. هو لا يملك أي اوراق. الامر الذي يدعو للقرف. وانا تعبت منه". واضاف في اشارة ضمنية الى انه يريد التوصل الى اتفاق مع روسيا لانهاء الحرب دون مشاركة اوكرانيا، " لا اعتقد انه (أي زيلينسكي) مهما جدا ليحضر الاجتماعات.. لأنه يزيد من صعوبة التوصل الى صفقات".
التغييرات والاضطرابات والانقلابات على السياسات والاعراف والتقاليد التي تسبب بها ترامب في اميركا وفي العالم في شهر واحد سوف تبقى اثارها ومضاعفاتها لوقت طويل على عالم مذهول يتوقع ما لم يكن متوقعا من أي رئيس غير الرئيس الذي يريد ان ينصب نفسه ملكا على اميركا.
3,442 Listeners
26 Listeners
3 Listeners
6 Listeners
3 Listeners
3,682 Listeners
692 Listeners
14 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
3 Listeners
9 Listeners
16 Listeners