في الذكرى الرابعة عشرة لاستقلال دولة جنوب السودان، عمّت مظاهر الفرح العاصمة جوبا و مدن أخرى من البلاد ، حيث احتشد المواطنون رغم التحديات الاقتصادية والسياسية المتفاقمة بين الحكومة والمعارضة ، بينما تبقى الآمال معلقة على استقرار البلاد وإنفاذ اتفاق السلام المنشط .
يصادف التاسع من يوليو/تموز الذكرى الرابعة عشرة لاستقلال جنوب السودان عن السودان الأم، وهو "عيد الاستقلال الوطني" ، جاء الاستقلال إثر تصويت شعبي واسع في يناير/ كانون الثاني عام 2011، بموجب اتفاقية نيفاشا للسلام، التي أُبرمت في كينيا عام 2005 و أنهت عقوداً من الحرب الأهلية، و بموجب الإعلان الرسمي، انضمت جنوب السودان إلى الأمم المتحدة كدولة رقم 193.
في كلمته المتلفزة، دعا الرئيس سلفا كير إلى المصالحة الوطنية و العمل المشترك لبناء وطن يحتضن التنوع الثقافي، مؤكداً أهمية وقف إطلاق النار لتوحيد القوات و تحقيق الاستقرار ، كما شدد على جدية حكومته في مكافحة الفساد و تعزيز التنمية، عبر الاستثمار في البنية التحتية، لا سيما الطرق و الزراعة.
و رغم تشابه خطاب الرئيس مع خطاباته السابقة، فقد حمل إشارات إلى الإرادة و المسؤولية تجاه إخفاقات الماضي، بينما يطالب المواطنون بتحسين ملموس في الخدمات الأساسية.
مع إعلان الجمهورية، ارتفعت التطلعات لدى المناصرين للانفصال، مدفوعة بالتأييد الدولي للاستقلال ، و وفرة الموارد الطبيعية و البشرية كالنفط و المعادن و الثروات الحيوانية و المائية غير المستغلة.
لكن الطموحات اصطدمت بالواقع، إذ دخلت الدولة الوليدة بعد عامين و نصف في أزمة فساد و نزاعات سياسية، تسببت في اندلاع حرب أهلية جديدة في ديسمبر عام 2013، تبعتها جولة أخرى من المواجهات في 2016 رغم توقيع اتفاق السلام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ، ما أودى بحياة الآلاف و هجر مئات الآلاف إلى المدن الكبرى و دول الجوار ، حيث تضررت مدن كبيرة مثل ملكال و بانتيو، و بور ، و لم تعد كما كانت حتى اليوم ، إلى جانب مناطق واسعة من الإستوائية و وسط البلاد ، كما تضررت جمع الولايات في جوانب مختلفة و متفاوتة .
و بالرغم من توقيع اتفاق السلام المُنشط عام 2018 في الخرطوم، برعاية إقليمية، لم تشهد البلاد تحسناً ملموساً، بل تفاقمت الأزمات الإنسانية و المعيشية و ظلت البلاد عرضة للتقلبات الأمنية و الإقتصادية .
ما الذي تحقق من آمال شعب جنوب السودان بين 2011 و2025 ؟
لم تُلب الطموحات في قيام دولة ديمقراطية قائمة على الحكم الرشيد؛ فقد تأجلت الانتخابات العامة أكثر من ثلاث مرات، كما مُددت الفترة الانتقالية عدة مرات.
و رغم الموارد الهائلة، لا يزال الفقر مرتفعاً، فيما تشهد البلاد أزمة في التوظيف، و غياباً لتفعيل منظومة المعاشات العامة و التقاعد، ساهمت الحروب و الفيضانات و الكوارث الطبيعية في تدهور الأوضاع المعيشية إلى جانب الفساد المتجذر منذ السنوات .
و بحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، تحتل جنوب السودان المرتبة 185 من أصل 193 دولة ، أما في تقرير الفساد العالمي لعام 2024 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، فقد حصلت جنوب السودان على 8 نقاط فقط من أصل 100، لتتبوأ المرتبة الأخيرة عالمياً .